أشعر وكأني أقيم في باريس منذ شهر كامل، وبأني كُنت في رام الله قبل نصف سنة. ما هو هذا الشيء الذي يُبعد الذاكرة أحيانًا ويقربها كأنها حدثت قبل ساعة أحيانًا أخرى؟
بعد ما يقارب الخمسة أيام على وجودي هُنا، التشوق صباحًا لكلّ يوم جديد والإحساس الذي يرافق الأيام هذه بأنها لا بُد أن تكون أكثر من خمسة أيام فقط لكثافة تفاصيلها ومفاجئاتها، كانت الرحلة جديرة بالمغامرة، باريس جميلة أيضًا، وما ارتفاع منسوب الجمال الا تأثرًا بالعلاقة التي نحيكها مع المُدن أو هي التي تحيكها لنا.
في اليوم الرابع تأخذ الأمور مجرى آخر، حيث فكرة استغلال كلّ دقيقة تخرج حيز التنفيذ؛ الاستيقاظ باكرًا، التجول قدر المستطاع في المدينة، التقاط الصور –يمين وشمال-، الانقطاع عن فحص البريد الالكتروني كلّ ساعة وحتلنات الفيسبوك، إجراء مواعيد مع أصدقاء أُجلت مواعيدهم في الأيام الأولى لرحلتي والذهاب إلى النوم في الفجر- فجأة ما عاد في وقت!
قهوة باريسية صباحية مع صديقين فلسطينيين؛ الجوّ بارد بالطبع، دوام الشمس في سماء هذه المدينة لا يتجاوز الساعتين، لم أحضر معي ملابس دافئة –مثل ما لازم! يعني قديش بده يكون برد!؟-
لا أعلم متى تم تعيني مستشارة للأرصاد الجوّية في أوروبا مؤخرًا!
البرد لا يترك باريس تمامًا، يغيب عنها أحيانًا كي يرتاح ليعود أكثر حدة، وهنالك برد ليس له علاقة بالمناخ أو الطقس، هذا البرد الذي يعيش في قلوب الناس ويوجع حتى النخاع أحيانًا إذا ما لم تولد هُنا، وأنت الذي قد وُلدت من الينابيع الدافئة.
قهوة باريسية صباحية مع صديقين فلسطينيين؛ الجوّ بارد يُدفئه اللقاء.
"رشا، إحنا بحاجة إنه نلتقي مع فلسطينيين جايين من فلسطين، أنا الغزاوي بحاجة إني ألتقي بشباب جايين من غزة، بحاجة بعد 10 سنوات في باريس إني أروح لهناك من خلالهم، أشوف غزة ولوّ لمدة أسبوع مكثف في باريس، أحسّها، بحاجة أحكي لهجة غزاوية عَ المزبوط..بكل اشي فيها والشتائم كمان!".
17 حزيران 2010
باريس
شردت في حروفك صديقتي
ردحذفتابعي ..احببت هذا الشرود
:)