التخطي إلى المحتوى الرئيسي

دواوين باريسية// اليوم الثاني

استيقظت باكرًا، جهزتُ قهوتي، فتحت شباك الشرفة المطلة على إحدى أكبر محطات القطار في باريس، لا شيء يخفف ضجيج الشارع في هذا الصباح سوى صوت الأسطورة الفرنسية "إيديت بياف"؛ "روح باريس" كما لقبتها الممثلة الفرنسية مارلين مونرو، الأسطورة أيضًا.

لم تتسع ساعات منتصف النهار لترتيبات "حرّة" أو مواعيد خارجة عن إطار العمل تندرج ضمن مخططات "الصياعة" في باريس، في نهاية الأمر وجودي في باريس هو لأسباب غير سياحية- قال يعني!

قبل انتهاء دوامي غير الرسمي في باريس بساعتين، قررت أن أترك المجموعة وأسرق هذا الوقت للقاء صديقين فلسطينيين؛ فنانان تشكيليان يقيمان منذ سنوات لا بأس بها في هذه المدينة الرمادية. لم ألتقِ بهما من قبل؛ الأول نتواصل سويةً من خلال موقع الفيسبوك والثاني أعرفه من خلال الأصدقاء المشتركين، أحدهم رتب لنا هذا اللقاء فور معرفته بأني في باريس؛ يحدث عادةً حين تكون في رحلة إلى مكان ما وتخبر أحد أصدقائك بذلك، يخصص صديقك فورًا لعقله دقيقة واحدة يفكر بها في أصدقائه الذين يقيمون في المدينة ذاتها ويقترح عليك التواصل معهم من خلال الهاتف أو البريد الالكتروني؛ ما أن ترسل لأحدهم رسالة الكترونية تخبره بزيارتك، حتى يترك كلّ شيء ويتصل بك لاغيًا كافة مشاريعه كي يلتقي بك.

التقينا في مقهى باريسي؛ كلّ المقاهي والشوارع تشبه بعضها هُنا- لأنك ما بتعرفي المدينة- قال لي صديقي.

غزة، طولكرم وعكّا في باريس حول مائدة مستديرة وصغيرة، عن ماذا سوف يتحدث الفلسطينيون حين يلتقون؟ عن طبقة الأوزون؟ معقول، لكن ليس في لقائهم الأول.

الحديث عن رام الله، الذكريات الخاصة لكلّ منا مع المدينة، قصصنا مع تأشيرات الدخول إلى دول في العالم والعربية منها خاصة، الأصدقاء المشتركون وأخبارهم، الحنين المتراكم، الأمل العنيد واشتياقهما للبحر ومللي منه (في كلّ مرة ألتقي أصدقاء لم يروا البحر منذ سنوات عديدة أو مُنعوا من رؤيته، أكره نفسي لأني أتعامل غالبًا مع البحر بشكل عادي، فيتجدد حبي له إلى أن يأتي اللقاء القادم).

غزة، طولكرم وعكّا في باريس، الشوارع تشبه بعضها هُنا، أو لا يهم، لم يلاحظ أحد أن الشمس غابت، أو أن الشوارع فارغة نسبيًا لأن الجميع ذهب لمشاهدة المونديال، أو بأن الجوّ أصبح باردًا والمطر بدأ رحلته إلى الأسفل باتجاه الأرض، لم يلاحظ أحد منّا كلّ هذا إلى حين عُدنا إلى باريس.

-ولِك إنت وين؟

15 حزيران 2010

باريس

تعليقات

  1. غزة ، طولكرم ، و عكا..
    دائماً في الغربة يؤنسنا كل من له علاقة بالأرض التي تربينا على ترابها و صنعتنا فيها الذكريات،و برغم كل ما نعلمه أو لا نعلمه عنهم و لا يدركونه من معالمنا، نحس معاُ بالأمان وسط كل ما هو غريب حولنا..

    نهارك جميل رشا
    و أتمنى لك بقية وقت أجمل في باريس :)

    ردحذف
  2. هاني؟؟؟
    تصدقي كنت بدي أحكيلك عن هاني زعرب وكمال بُلاّطة ونسيت!!!
    مبسوطة ع مغامراتك الباريزية صديقتي.. كوني بخير دائماً..

    ردحذف
  3. الكلام جميل ومشوق...
    نشتاق لنعيش فلسطين حتى ونحن نعيش في فلسطين...
    الكلام عن غزة طولكرم رام الله وعكا...ايضا في باريس..
    انتظر دواوين باريسية اليوم الثالث..

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

اللهجات الفلسطينية

عندي سؤال مهم - أو حسب رأيي مهم - مين المسؤول عن ترسيخ فكرة إنه في فلسطين في بس لهجة عامية وحدة؟ وإنه نسي يقول بأنه لكلّ مدينة وقرية فلسطينية في لهجة إلها خاصة فيها؟ وإنه لما حدا من شفاعمرو بقول كلمة واحدة منعرف كلنا إنه من شفاعمرو؟ مما يدل على خصوصية لهجة أحل شفاعمرو يعني :) يعني مثلاً، مثلاً، لكلمة "رصاصات"- رصاصات القلم يعني - في عَ الأقل 4 مفردات باللهجة الفلسطينية؛ فُطع، زبانات، بريات، قُزع. (شكراً أسماء عزايزة عَ المساعدة  :) ). عشان هيك، ملاحظات أخيرة عن الموضوع: - لما أي حدا بقرأ نص/ قصة قصيرة/ رواية لكاتب/ة فلسطيني/ ة فيه كلمات/ جمل بالعامية، يعرف الكاتب/ ة من وين عشان يعرف من أي بلد هاللهجة. - يا ريت اللي بدو يعمل مسلسل عن فلسطين والقضية الفلسطينية يعمل دراسة عن اللهجات وينوّع. فلسطين ليست فقط الأراضي المحتلة عام 1967. - يلعن سايكس بيكو والاستعمار وسنينه كلّها. - عيب إنه الفلسطيني ما يعرف إنه في تنوّع لهجات. وإنه اللي خلقان في شمال فلسطين المحتلة، ويبتعد 15 كم عن جنوب لبنان، أكيد لهجته رح تكون قريبة من لهجة جنوب لبنان أكثر من جنوب فلسطين. - لن ننس