التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صفورية تعيش في القصيدة

صفورية
رشا حلوة

ثنائية الألم والأمل ظهرت كثيراً في قصائد طه محمد علي وقصصه. ثنائية كأنها تحصل على أرض قريته المهجرة التي سرقها الاحتلال. كانت صفورية البداية، تبدأ منها القصيدة وتنتهي عندها. هي التي جعلته شاعراً كما قال يوماً: «صفورية، هي من صنعتني شاعراً». كان يزورها بعدما هجّرته قوات الاحتلال عام 1948 منها إلى لبنان، ثم عاد إلى فلسطين على أمل أن يعود إلى بيته الذي هُدم ولم يبقَ منه إلا الأرض الذي كان عليها. لكنّه لم يستطع أن يزورها في سنواته الأخيرة. كانت زيارتها تسبّب له الألم، كأنه كان يشعر بأنه لن يعود إليها قريباً، فبقيت تعيش في قصائده ويعيش هو فيها من خلال كلماته وذكرياته.
قبل عام، زاره أصدقاء في بيته بهدف إجراء مقابلة صحافية، لم تُجرَ المقابلة، فحالته الصحية لم تسمح له بالكلام. جلس الأصدقاء وتحدثوا إلى زوجته «أم نزار» بينما كان جالساً معهم لا يلتفت إلى شيء... إلا حين ذكرت صديقة اسم «صفورية». التفت إليهم كي يستمع إلى ما سيروونه عنها. لكن ماذا سيقولون عنها؟ هو الذي يعرف تفاصيل حكايتها كلّها.
ما كنّا يوماً سنعرف صفورية كما عرفناها منه ومن كلماته. وما كنّا سنعرف المكان تماماً حين زرناها في مسيرة العودة عام 2008 في الذكرى الـ60 للنكبة لولا أنه دوّنها طوال هذه السنين. هو الشاعر «الذي لا تملك إلا أن تحبّه مثلما تحب جدّتك»، كما وصفه مرة زميلنا الشاعر المقدسي نجوان درويش. وكم سنشتاق إلى أجداد رحّلوا بعيداً، ولم يستطيعوا حتى العودة إلى أرضهم أمواتاً.

عن "الأخبار" اللبنانية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها