التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مشاوير: راديو أرضي


رشا حلوة
لربما أكثر مساحة تستقبل الإبداع في هذه المرحلة هي شبكة الإنترنت، هذه الشبكة التي يتطور إستخدامها كلّ يوم وكلّ حسب حاجته وحاجتها وهي المساحة التي لا سلطة فيها فهي الأقرب إلى الأناركية نوعاً ما، وكما ذُكر في إحدى "الألشات" (الألش هو المزاح باللهجة المصرية):"إحنا جيل اللي هايفضل ورا الوحش لحد ما يقتله".
هذا الفضاء غير المحدود، عمل على كسر الحدود التي فُرضت بين البشر، وكما كانت الأغنية التي تصل من القاهرة إلى أحياء الناصرة نموذجاً وإصراراً على أن رغم سنوات النكبة المستمرة لم يستطع أحد أن يمنع هذه الأغنية من أن تدخل بيوتنا، أصبح الأمر أكثر سهولة الآن، بوجود الإنترنت وهذا الفضاء الذي يعطي إمكانية للناس بأن "يعيشوا" معاً متى وأينما يختاروا، وأن يبنوا مشاريع رقمية إبداعية كمشروع "راديو أرضي" وكمشاريع إذاعية عديدة أُخرجها المبادرين إليها من حيز جهاز الراديو والمكاتب والمؤسسات، فأصبحت الأغاني تُسمع عبر أثير راديو يُبث من "غرفة صغيرة وحنونة".

// قصة "الراديو الأرضي"
بداية، قرر أحمد عكور من الأردن أن ينشئ صفحة عبر موقع "فيسبوك" الإجتماعي في العام 2009 تحت إسم "موسيقى عربية بديلة"، يشارك فيها الناس موسيقى وأغاني ملتزمة، بديلة، غير تجاربة ومهمشة، معتقداً أنها تستحق الإنكشاف الأكبر إلى الجمهور، مع الوقت إنضم إلى أحمد عكور 10 أشخاص من فلسطين والأردن ولبنان وسوريا والأمارات والسعودية (ومن المخطط مستقبلاً أن ينضم إلى المجموعة أشخاص من المغرب العربي كذلك) راغبين أن يحوِّلوا هذه الصفحة إلى مساحة أكبر وهُوية أوسع عن مجرد صفحة فيسبوكية، فوقع الخيار على إنشاء "راديو إنترنت" يبث عبر موقع إلكتروني مخصص لهذه الإذاعة الموسيقية، مطلقين عليها إسم "راديو أرضي" كي تمثل كافة أفراد المجموعة وإرتباطهم بالأرض والمكان.
إن هدف "راديو أرضي" الأساسي، بناءً على الحوار الذي أجريناه مع مي مرعي (فلسطين) أن يجمع تحت سقفه الإفتراضي كلّ المشغوفين بهذه الموسيقى والعطشى إليها من مختلف الأماكن في العالم، معتبرين أن الموسيقى هذه هي أحد أبواب التحرر والوعي الفكري والثقافي والذي يبدأ بالعمل المكثف على نشرها بكافة الوسائل المتاحة. وأن رسالتهم الأساسية تُرجمت من خلال شعار الراديو:"من الأرض للسما"، وهي أن:"الموسيقى على غرار أعضاء المجموعة قادرة أن تعبر كلّ البلاد من أرضها إلى سماها باختلاف حدودها وسياسة كلّ شخص فيها وهي قادرة على العبور إلى روح الإنسان وداخله الأهم". حول هذا تضيف مي مرعي:"من أهم اللحظات الجميلة التي عشناها منذ تأسيس الراديو، كانت حين علمنا بأن الراديو يُسمع في مقهى في يافا، علماً أن كلنا ممنوعون من الوصول إلى مدينة يافا ورؤيتها".

موقع "راديو أرضي":

لمزيد من المعلومات حول "راديو الإنترنت" وتاريخ نشأته، بإمكانكم/ن زيارة الصفحة التعريفية عبر موقع "الويكيبيديا".  




 - "مشاوير" هي زاوية إسبوعية عبر الملحق الأسبوعي لصحيفة "الإتحاد" الفلسطينية والصادرة من مدينة حيفا، ألقي الضوء من خلالها على تجارب إبداعية فلسطينية وعربية. 





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها