كنت في الثالثة من عمري عندها. فرحة بأختي الصغيرة التي وُلدت في نفس العام. 1987. أي ذكريات لطفلة في الثالثة من عمرها ستكون؟ على الأرجح، أني لم أكن أفهم ما يدور على شاشة تلفاز بيتنا في عكّا. على الأرجح، كانت أمي تضع أختي الصغيرة على حضنها وهي تجلس بجانب التدفئة، وأبي يقسم وقته ما بيني وبين شاشة التلفاز. بالتأكيد، كان قلقاً.
لا ذاكرة لي من هُناك. لا ذاكرة لي سوى التي رسمتها الأغاني فيما بعد، والصور التي أتاحت لنا الوسائل الحديثة برؤيتها من جديد. والتقارير المصورة. وقصص من عاش الإنتفاضة الأولى. القصص المنقولة. القصص التي لم أسمعها من أفواه من رموا الحجارة وغنّوا للشهيد المحمَل على أكتاف رفاقه ومونولغات زغاريد الأمهات. على الأرجح، أن "نزلنا على الشوارع" و "شدّي انتفاضة" و "على دلعونا" هي خير توثيق للدم والدموع.
أنا اليوم في السابعة والعشرين من عمري. واليوم، في التاسع من كانون الأول 2011 أشارك رفيقاتي ورفاقي إحياء الذكرى الرابعة والعشرين للإنتفاضة الأولى. رفاقي في سني، معظهم كان في الثالثة من عمره. على الأرجح، لا ذكريات كثيرة تعيش في أذهانهم. يبحثون مثلي عن الصور والمقاطع المصورة والأغاني في الإنترنت. يبحثون عن من فقد أبيه أو أمه أو حجر من بيته المهدوم. هم الذين يحملون الذكريات التي لم يرويها لهم أحد ولا الأغاني. هم الراوون. وسويةً، نحمي الذكريات هذه من الطغاة. ونعلنها كلّ مرة جديد، لا كلّ ذكرى فقط:"نحن الثورة". لا على الأرجح، بل بالتأكيد.
تعليقات
إرسال تعليق