التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لبيروت.. مع نرمين.



إستيقظت هذا الصباح، وعدت لأسمع "لبيروت" بصوت نرمين خوري، إبن قرية ترشيحا في الجليل الأعلى، وكما أحبّ أن أسمي نرمين، "بنت الجبل".. أسمعها ربما للمرة العشرين منذ الأمس. وقررت أن أكتب هذه التدوينة عنها ولها ولربما بإسم الكثيرين منا.
سأكتب عن نرمين، لا لأنها صديقتي منذ سنوات عديدة، ولا لأن الأصدقاء هم كنز هذه الدنيا، بل لأن تسجيل أغنية "لبيروت" له معانٍ أكثر من مجرد تسجيل أغنية تُرفع على اليوتيوب ليسمعها كلّ الناس.

بداية، علمت منها بالأمس بأن الأغنية تم تسجيلها وهي لا تدرك بأن الموسيقي الرائع ريمون حدّاد، إبن قرية إقرث المهجرة وسُكان مدينة حيفا، والذي يعزف على البيانو في الأغنية، قام بتسجيلها دون علمها، ومن ثم أهداها التسجيل.
المهم، قبل أن ترسل لي الأغنية، كنت قد ذهبت إلى النوم وأنا بي رغبة أن أستيقظ في اليوم الآخر لأسمع "لبيروت.."، عادة ما أقوم بتحديد قائمة الأغاني لليوم الآخر وفق مزاجي. حين إستيقظت في اليوم الآخر، كانت قد أرسلت لي نرمين رسالة إلى الموبايل تخبرني بأن أقوم بفحص إيميلي. كان الطلب غريباً بعض الشيء، صداقتي بنرمين هي واقعية أكثر من إفتراضية، يعني نادراً ما يكون هنالك تواصل عبر الإنترنت؛ لايك أو تعليق على صورة أو ستاتوس ماكسيموم. والكثير من سهرات في حيفا مع الأصدقاء والصديقات وأغاني.. خاصة بأني ونرمين وسماء كنا قد عشنا في نفس البيت في حيفا، شارع الكرمة، لمدة نصف عامٍ تقريباً. ولهذه الفترة حكاية أخرى سأقوم بتدوينها فيما بعد..

سنعود إلى نرمين والأغنية. فتحت الملف وجاء صوت البيانو.. ومن ثم نرمين تغني "لبيروت..". عادة، كنا نسمع نرمين تغني أغاني قريبة من "الطرب". وكانت تدندن أحياناً أغاني لفيروز.. لكن أن أسمعها تغني أغنية كاملة لفيروز و"لبيروت.." تحديداً، هذا أمرٌ جديد.. وكما قال الصديق المخرج فادي قبطي، إنه لأمر جريء تماماً.

"بنت الجبل" غنت "لبيروت.." بصوتها هي. بصوت نرمين الذي يعرفه الأصدقاء ويحبونه جداً. لم تقلد أحد. غنت بصوت الجبل تماماً.. بصوت قريتها ترشيحا التي لا تبعد كثيراً عن بيروت. هي غنّت "لبيروت.."، ولكنها نجحت بأن تغني أصواتنا كلنا. أصوات كلّ من يعيش على هذه البقعة من الأرض، في عكّا وحيفا وترشيحا والرامة وبيت جنّ وعرابة وحيفا ويافا، كلّها قريبة من بيروت.. وبرغم سنوات الاحتلال الكثيرة، لم ينجح أحد بأن يبعدهما عن بعضهما البعض.. صوت نرمين وبيانو ريمون وأغنية "لبيروت.." يأتون ليأكدوا لنا من جديد بأن اللعنة على الحدود.. وأن بالأمس، كان أجدادنا يسافرون جسدياً إلى بيروت، ونحن نسافر اليوم بالأغاني، إلى أن يأتي ذاك الوقت الذي سنحضر به حفلة لنرمين على مسرح بيروتيّ، من يعرف؟ فالأمل بحجم هذه الأغاني.

شكراً نرمين.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها