التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طارق حمدان: «أوّل الكلام» قصيدة النثر

رشا حلوة

عكا | تحت عنوان «أول الكلام»، التقى طارق حمدان (1982) الجمهور الفلسطيني مساء أمس. أمسية موسيقية شعريّة، أحياها الشاعر والموسيقي الشاب في مقهى «لوين»، في رام الله، لتكون المدينة المحتلة الحاضنة لمشروعه الذي يخطو خطواته الأولى. بدأت علاقة حمدان مع الموسيقى منذ طفولته، حين أقنع والده بأن يشتري له آلة عود. «كانت الموسيقى المستفز الأكبر لاختيار طريق مغاير، وهي التي دفعتني إلى الكتابة»، يقول حمدان لـ«الأخبار». في «أول الكلام»، قدّم حمدان أغاني من ألحانه وغنائه، مأخوذة عن قصائد من الشعر العربي الحديث لأدونيس، وأنسي الحاج، وخليل حاوي، وبدر شاكر السياب، وقسطنطين كافافي، ونازك الملائكة، ونجوان درويش...إضافةً إلى قصائد من ديوانه الأول «حين كنتُ حيواناً منوياً».

أطلق حمدان عنوان «أول الكلام» على أمسيته الموسيقية الأولى، لأن النصوص الشعرية التي اشتغل على تلحينها منذ ما يقارب عاماً ونصف عام هي بمثابة بيانه الفنّي: «الشعراء الذين أغني من قصائدهم، احتلوا مساحة واسعة لديّ، كانوا بمقامة أدلّاء في طريق موحش، مليء بالتشنجات. أول الكلام أيضاً هو أول ما سأقوله موسيقياً، أو بمثابة العرض الأول لتجربتي».
صحيح أنّ هذه الأمسية كانت «أوّل الكلام»، إلا أنّ طارق حمدان ليس جديداً على ساحة الإبداع. فقد تُرجمت نصوصه الشعرية إلى لغات عدة، منها الإسبانية والكورية والإنكليزية، كما صدرت له مجموعة شعرية عن «دار أزمنة» تحت عنوان «حين كنت حيواناً منوياً». عمل في العديد من الصحف والمجلات العربية، ويعمل حالياً رئيس تحرير لمجلة «فلسطين الشباب» التي تعنى بالثقافة والفنون وحرية التعبير لدى الشباب الفلسطيني في الوطن المحتل والشتات. يعمل حمدان اليوم على مشروع موسيقي يتمثّل في تلحين وغناء قصائد لروّاد الشعر الحديث. يميل إلى القصيدة العربية الحديثة، لأنّها «تمتلك نبضاً راهناً، عصريّاً، وتتحلى بالشجاعة وجرأة الطرح. كما أنها بمثابة صرخة في واقع مشوّه وجدنا أنفسنا متورطين فيه رغماً عنا. أسباب أخرى دفعتني إلى تلحين القصيدة الحديثة وقصيدة النثر خصوصاً، أبرزها رغبتي في إثبات حقيقة أساسيّة: أنّ قصيدة النثر هي موسيقى العمق، وليس السطح المرتبط بالوزن والكلام المنظوم والمُقفّى».
ونسأل الفنان الشاب الذي يجمع بين الشعر والموسيقى والغناء، أين يجد نفسه أكثر؟ يجد نفسه في «القول»، إذ يراه جوهر الفنّ. لا تهم الأداة. «الفنان هو من يمتلك مقولة، ومن يرغب بالصراخ في وجه هذا العالم، سواء كان بالشعر أو بالموسيقى أو بالفنون البصرية. أين أجد نفسي أكثر؟ لا أعرف، بما أن الحياة بأكملها هي بمثابة تجربة كبيرة، فنحن نجرب أيضاً، أي أننا نحاول أن نتكلّم بكلّ بساطة».

عن "الأخبار" اللبنانية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها