التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«حكايا المنفيين»: بريخت الفلسطيني

عكا / رشا حلوة

عرض «اللاز ـ مسرح مازن غطاس» إنتاجه الجديد «حكايا المنفيين» على خشبة المسرح في مدينة عكا. العمل أعدّه المخرج سامح حجازي واستوحاه من نصّين غير مسرحيّين للألماني برتولد بريخت («حوارات المنفيين» و«قصص السيد كوينر») كتبهما خلال منفاه في الدول الإسكندفاية التي تنقّل بينها خلال الحرب العالمية الثانية. في هذين النصّين، عرّى بريخت الفاشية وسخر منها عبر حوار يدور بين لاجئين ألمانيين في محطة قطار. وكان التونسي توفيق الجبالي قد اقتبس من النصّ الأول، قبل أكثر من عقد، مسرحيّة «مذكرات ديناصور» التي أخرجها الراحل رشاد المنّاعي. وقد أعاد حجازي قراءة المادة البريختيّة، من منظور الراهن الفلسطيني. «النص يتحدث عن المنفيين، وحق العودة إلى الوطن ـ يقول لـ«الأخبار» ـ لذا يسهل إسقاطه على الواقع الفلسطيني». تدور أحداث مسرحية «حكايا المنفيين» في غياب الإطار التاريخي والمكاني. إنّها قصّة لقاء بين فلسطينية أرستقراطية ورجل فلسطيني صعلوك مليء بالقصص والتجارب. وقد اعتمد الأداء أسلوب بريخت التغريبي، تاركاً للمونولوغات والحوارات أن تخاطب وعي المتفرّج، وتدفعه إلى التفكير بعد خروجه من المسرح.

هذه هي المرة الثانية التي يقدم فيها «اللاز» إنتاجاً مسرحياً من أعمال الكاتب الألماني الشهير. كانت الأولى مسرحية «عرس برجوازي صغير» التي قدمتها مجموعة «دار الفنون للمسرح» وأخرجها المسرحي منير بكري، وأعدّها الفنان فراس روبي، مطبّقاً الإطار الدرامي على الواقع الاجتماعي لمدينة عكا.

خلال الأشهر الأخيرة، شهد «اللاز» حركة مسرحية فتيّة ومحترفة. هذا المسرح الذي أنشأه المخرج الفلسطيني الراحل مازن غطّاس عام 1996 في مسقط رأسه في قرية الرامة الجليلية، افتتحَه بمونودراما «طفل النور» التي حملت توقيعه إخراجاً وإنتاجاً. وفي عام 2004، قرر غطّاس أن ينقل المسرح إلى داخل الأسوار، فحصل على مبنى قديم وأثري في عكّا. تلك المدينة التي أحبّها ورأى فيها المكان الأنسب لإنشاء «بنية تحتية» لمشروعه الأثير، أي المسرح العربي الفلسطيني المستقل. رحل غطّاس في أوائل 2006 في أول الخمسين، إثر نوبة قلبيّة، تاركاً أعمالاً لا تزال تُعرض حتى اليوم. وتخليداً لذكراه، وُضعت صورته في مبنى «مسرح اللاز» وكُتب عليها: «تنفَس الوطنَ في المسرح». وهذا المسرح ما زال يسكنه صوت مازن غطّاس. رغم الصعوبات التي تواجهه، ما زال يتنفس ويتمسك بأهمية تحقيق حُلم مؤسسه وحُلمنا جميعاً.

//

عن "الأخبار" اللبنانية

عدد الأربعاء 10 آذار 2010

http://www.al-akhbar.com/ar/node/180576

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها