التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لنشارك ترشيحا في نكبتها.. لنباركها في نهضتها..


رجاء زعبي عمري
تقرير "ناطرينكم" – صوت فلسطين48 لأجل ثقافة العودة
27/10/2007


الأحد 28 تشرين1 "يوم ترشيحا"
لنشارك ترشيحا في نكبتها.. لنباركها في نهضتها..


· ذكرى وذاكرة.. وقفة وموقف.. لذلك حق العودة، ولذلك غزة
من ترشيحا شمال فلسطين، إلى مخيم برج البراجنة في لبنان - حيث يقيم معظم التراشحة المطرودين من وطنهم - إلى مخيم النيرب جنوبي حلب في سوريا.. قرابة خمسين ألفًا يحيون الذكرى الـ59 لنكبتهم في "يوم ترشيحا"، الأحد 28/10/2007. المنسّق بين التراشحة الباقين والتراشحة المهجّرين. وقد جاء بيان لجنة إحياء يوم ترشيحا معلنًا إحياء الذكرى ترسيخًا لحق العودة في أذهان الأجيال ودعوة لإعادة تفعيل قضية حق العودة على بساط البحث المحلي والعربي والعالمي. ويهيب التراشحة أن يكون "يوم ترشيحا" نقطة انطلاق نحو أجندة سياسية واضحة في قضية حق العودة، ونقطة تحوّل في مفهوم العمل من أجل إحقاق السلام العادل، بدءاً بحق العودة. ومن هنا فقد دعت اللجنة في بيانها التنظيمات السياسية والهيئات التمثيلية والجمعيات والأطر الجماهيرية، إلى المشاركة المكثفة في إحياء هذه الذكرى. ومن هنا أيضًا وبجهد مشترك من لجنة إحياء يوم ترشيحا و"ناطرينكم" صوت فلسطين48 لأجل ثقافة العودة – من مجموعة أجراس العودة لأجل الدولة الديمقراطية العلمانية – فسوف يحيي أهلنا في غزة "يوم ترشيحا" في 28 تشرين أول هذه السنة ولأول مرّة. ومن هنا أيضًا فسوف يستغل التراشحة يوم ترشيحا لرفع صوت غزة، وإطلاق ندائها ضد الحصار ولأجل وقف حرب إبادة الفلسطينيين في قطاع غزة.. أمّا الفنانة رنا بشارة فقد كرّست عملها الفني الذي ستقوم ببنائه في يوم ترشيحا مستخدمة أرغفة الخبز، أيضًا ضدّ حصار غزة.

· سليم البيك.. ترشيحا – أبو ظبي
سليم البيك، الشابّ المهجّر من ترشيحا، المقيم في أبو ظبي، والمسكون بترشيحا، زميلنا في هيئة أجراس العودة لأجل الدولة الديمقراطية العلمانية "مش واسعته الدنيا" هذه الأيام.. فترشيحا تكبر في يومها سنة بعد سنة.. حقًا إذن كان يوم الهوية والكيان، يوم الانطلاق من جديد: "لم يعد هذا اليوم يوم ترشيحا البلدة الصغيرة المتكئة على كتف عكا، بل بات يوم فلسطين، كل فلسطين، يوم أهل فلسطين في كل أماكن تواجدهم. يوم وطني يوحد القوى السياسية الفلسطينية وخاصة في الأرض المحتلة عام 48. يرمز هذا اليوم الآن لنكبة فلسطين الكبرى، وهذا أصدق وأعمق ما يمكن أن يجمع الفلسطينيين، في كل أماكن تواجدهم، حيث يُجمعون على التمسك بحق العودة والحرية. ترشيحا التي عُرفت بمعاركها الشرسة مع عصابات الصهيونية، هي ويوم سقوطها لم يعودا يرمزان للحسرة والرثاء، إنما للصراخ في وجه العالم بأن فلسطين كل فلسطين لن تكون إلاّ لأهلها كل أهلها، ولن تكون إلاّ واحدة، موحّدة".

· أساس البيت ينمو كجذر حيّ...
في مدخل ترشيحا.. باسل طنوس، من لجنة إحياء يوم ترشيحا، ومرافقي في الجولة، يلفت نظري إلى تلة صغيرة مزروعة بالعشب وبعض النخيل، ويشير إلى حجر عريض يبرز من العشب بارتفاع نحو 30 سم. يقول باسل: "هذا أساس بيت هُدم في النكبة.. بيت أبو يوسف من عائلة أبو حسّان". ولوهلة يخيّل إليّ أن هذا "الأساس" جذر حيّ لنبتة ستنمو من جوف التلة.. أقولها لباسل، فيقول: "نعم، هذه هي الفكرة". ونستمرّ في جولتنا في أنحاء ترشيحا بينما يشير باسل إلى كل ساحة وموقع جرت فيه المقاومة في 1948 وكل بيت وموقع تلقى القنابل من طائرات القوات الصهيونية.. ونصل أيضًا إلى "الزاوية الشاذلية" لنرى من هناك الحاكورة الخلفية للمسجد وقد غطتها أكوام الحطب وتحتها.. في الأرض.. عظام لنحو 33 شهيدًا من ترشيحا هم ضحايا المجزرة.. بانتظار مخطط يرسمه باسل لنقلهم إلى مكان ملائم وإنشاء نصب تذكاريّ لأرواحهم.

· معركة ترشيحا: الانفصال عن معلوت في مجلس محلي مستقل
أوّل من نلتقي السيد نخله طنوس وعمره 50 عامًا.. يذكر كيف سرق اليهود حجارة بيوت ترشيحا وجسور الحديد من سقوفها لتصبح أعمدة كهرباء في مستوطنتهم: "رأيت كيف كانوا يربطون الحبال بجسر الحديد الحامل للسقف وبالخيل من الجهة الثانية تشدّ به إلى أن تقتلعه".. ويقول باسل: "لو زرت مستوطنة "مَعونة" سترين أن البيوت السبع الثماني الأولى في مدخلها مبنية من حجارة بيوت ترشيحا"..
و"معونه" هذه، مستوطنة قائمة على أراضي ترشيحا. انتقل إليها قسم من اليهود الذين وطّنتهم الحركة الصهيونية في بيوت مهجّري ترشيحا. بعد تهجير التراشحة استوطن بيوت ترشيحا يهود من شمال إفريقيا ومن رومانيا. قسمت دولة إسرائيل البلد قسمين، قسم لليهود وقسم للقلائل الذين بقوا تحت الحكم العسكريّ غير قادرين على اجتياز السياج الفاصل لبلدتهم بلا تصريح. ولفترة معيّنة كان ثلث سكان ترشيحا من اليهود، بدأوا بالانتقال منها تدرّجًا مع ارتفاع عدد العرب نتيجة انتقال مهجّري القرى المهدّمة الأخرى مثل عمقا وسحماتا ودير القاسي وقلائل من إقرث إلى السكن في ترشيحا. وبالمجمل بقي في ترشيحا سكان يهود إلى أواخر ستينات القرن العشرين.
ويخبرنا نخلة الطنوس أن المستوطنين اليهود في ترشيحا سيطروا على كل شيء، ليس فقط الأراضي.. بل إن فرن الخبز والسينما والمحلات التجارية كلها استولوا عليها وأداروها كأنها لهم. وقد كانت ترشيحا بلدًا غنيّة ويعيش أهلها بمستوى جيد من أراضيهم ومردود حرفهم إذ كان الجوار كلّه يأتي لترشيحا طلبًا لخبراتهم. كانت ترشيحا أكبر مصدّر للتبغ في فلسطين، وأراضيها مساحتها 64.000 دونم تمتد إلى الساحل، إلى الزيب. وعن نشاط مزارعي ترشيحا "الزائد" تقول إلهام دكور طنوس، من لجنة إحياء يوم ترشيحا، إن أهالي القرى المجاورة درج لديهم مثل يقول "مالك يا أرض تعبانه؟ واقف فوقي ترشحاني".. وتتابع: لقد كان التراشحة يزرعون في السنة موسمين لكثرة نشاطهم.
والرابط أكثر من وثيق بين معركة ترشيحا للانفصال عن بلدية "معلوت - ترشيحا" وبين معركتها للحفاظ على هويتها العربية الفلسطينية صونًا لمستقبل أبنائها من الضياع. فمن بيان لجنة إحياء يوم ترشيحا، نقرأ: "منذ سنوات ونحن نحيي ذكرى سقوط ترشيحا... بهدف ترسيخ وتعميق الذاكرة الوطنية للمجتمع الترشحاني ودفعه إلى الانخراط في الهمّ الوطني العامّ والخوض فيه". وتعتبر لجنة إحياء يوم ترشيحا، أن نكبة ترشيحا استمرت من خلال محاولات سلخها عن ركب النضال العام لجماهير شعبنا بسبب ضمها قسرا مع مستوطنة معلوت خلال فترة الحكم العسكري".
يقول نخلة الطنوس: الأغلبية الساحقة من أهالي ترشيحا معنيّة بالانفصال عن بلدية "معلوت"، هذا هو الوضع اليوم، لأن بقاءنا ضمن مجلس بلدي واحد يعني تحويل ترشيحا في نهاية الأمر إلى حيّ عربيّ مهمَل ومحاصر داخل مدينة "معلوت" اليهودية.. مثلما حصل في اللد والرملة. هكذا تكون الخسارة ليس فقط الأرض التي استولوا عليها، بل خسارة الهوية والإنسان وتدمير للمجتمع الترشحاوي. ونحن نرى إشارات ذلك ونتصدى رافضين.

· "حركة شباب ترشيحا".. يوم الأرض وربيع ترشيحا
التقيت الشابة رنا دكور، التي تحدثت باعتزاز كبير عن إنجازات "حركة شباب ترشيحا" وأطلعتني على نشرتهم "ترشيحا تروي". "حركة شباب ترشيحا" نواة من 20-30 شخص ناشطون في التخطيط والتجنيد كما في جمع التبرعات للنشاطات التي يقومون بها للمصلحة العامّة؛ ولذلك فهم يلاقون الترحاب والاحترام والثقة من جميع أهالي البلدة، كما تقول لنا إلهام دكور طنوس، من لجنة إحياء يوم ترشيحا.
كان أول "ظهور قويّ" للحركة في "يوم ترشيحا" الثاني عام 2005، وقبل ذلك في السنة نفسها نشط أعضاء الحركة في نضال ترشيحا ضدّ بلدية "معلوت" التي سعت إلى خصخصة مدرسة ترشيحا الثانوية وبيعها في نهاية الأمر لشبكة "أورط". ثم انطلقوا في كثير من النشاطات، أهمها الانطلاق في مسيرة "ربيع ترشيحا" في يوم الأرض، التي يؤكدون أنها ستصبح تقليدًا يتّبعونه.
في السنة الماضية بادر الشباب إلى إحياء ذكرى يوم الأرض في يوم خاص بترشيحا أسموه "ربيع ترشيحا"، حيث "انطلق أهالي القرية شيبًا وشبّانًا لزيارة أرض ترشيحا الغالية تعبيرًا عن تمسّكهم بأرض الآباء والأجداد وتكريسًا لإيمانهم بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب" كما جاء في نشرة "ترشيحا تروي" وكما شدّد الشاب وجدي شاهين – من لجنة إحياء يوم ترشيحا أيضًا - في حديثه معنا. حيث قال إن وفودًا من ترشيحا تشارك في يوم الأرض القطري، ولكنهم مهتمّون بترشيحا تحديدًا، نظرًا إلى معاناتهم الخاصة حيث سلبتهم "دائرة أراضي إسرائيل" معظم الـ66 ألف دونم التي كان يمتلكها أهالي ترشيحا، ولم يبق لهم سوى أكثر قليلاً من ألف دونم. وبالتالي فإنهم بالإضافة إلى تعريف الأبناء على أرض الآباء والأجداد بأسماء مواقعها وعشبها وشجرها، فهم يعدّون الجيل الصاعد لمعركة استعادة الأرض، إذ لن يكون له مستقبل للنموّ والتطوّر دون استعادتها.

· "يوم الهوية والكيان.. يوم الانطلاق من جديد"
كان هذا شعار "يوم ترشيحا" الثاني في 28 تشرين أول 2005، وذلك ردًا على محاولات الطمس التي قامت بها بلدية "معلوت" في يوم ترشيحا الأول – الذي كان فكرة ولدت في بيت باسل طنوس وإلهام دكور - حيث ألغت البلدية الإذن لطلاب المدارس في الخروج للمسار التاريخي الذي خططه المبادرون، وأغلقت في وجههم المركز الجماهيري. رئيس البلدية قال لباسل طنوس: لا مشكلة لديّ مع الفعاليات، المهم أن لا تكون في 28 تشرين أول، فهذا يوم احتلال ترشيحا وأنتم تحيون الذكرى.. ورفض التراشحة طبعًا.. وأعلن الإضراب في المدرسة في 28 تشرين أول وجرت فعاليات مختصرة. ولكنها كانت انطلاقة. بتكريس هذا اليوم قرر المبادرون استعادة هوية ترشيحا-هويتهم العربية الفلسطينية بعد سنوات طوال من السبات والتغييب.. وقد جاءت الاستجابة من قبل التراشحة تحديًا انتظروه طيلة عام كامل حيث كما قالت إلهام دكور "الناس لأول مرّة أحست الوجع في بطنها.. قالوا لنفسهم ولبعضهم بعد أن رأوا قبح الوجه الصهيوني في يوم ترشيحا الأول: "ولاو!!.. يوم ترشيحا، يوم نكبتنا، ممنوع علينا نحييه!"..
في يوم زيارتي لأجل إعداد التقرير عن الاستعدادات ليوم ترشيحا، كان الناشطون منفعلين لمباراة كرة السلة المرتقبة في مساء اليوم نفسه بين فريق ترشيحا وفريق مستوطنة "شلومي". ومع قرب انتهاء الزيارة، انتهت المباراة بفوز فريق ترشيحا على فريق شلومي 70-66. يقول وجدي شاهين، الناشط في "حركة شباب ترشيحا" كان هذا "انتصار" رياضي و"انتقام" سياسي، نظرًا لتضييقات مجلس معلوت – ترشيحا على الفرق الرياضية الترشحاوية ومجمل النشاط الثقافي الترشحاوي. فبلدية معلوت ترفض أن يكون لترشيحا فريق خاص بها ولذلك لا تموّل الفريق بل يموّله أهالي البلد. وبلدية معلوت اشترطت تمويل "فرقة ترشيحا للموسيقى العربية" بتغيير اسمها إلى فرقة معلوت ترشيحا الموسيقة! ورفض التراشحة.

· لوين رايح يا حمار؟ ... رايح ع الحفلة!
قبل "حركة شباب ترشيحا" ولجنة إحياء يوم ترشيحا والانطلاقة الجديدة، لم تخل ترشيحا من شباب رافض، فقد كانت دائمًا فيها جمرة تتوثب تحت الرماد. في أوائل عام 1992 وتحديدًا في 18/9 بادر مجلس معلوت – ترشيحا إلى إقامة حفل في "الدوّار" لأهالي ترشيحا.. هكذا بلا مناسبة!.. وجاءوا براقصة ومغنين.. ولكن التراشحة يومها تنبّهوا لخديعة قذرة.. فهذا اليوم هو ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا.. نعم يذكرون رغم أنه لم يجر إحياء الذكرى. وربما لم تكن تلك إلاّ وسيلة فحص من الوسائل الكثيرة التي تنتهجها الدولة الإسرائيلية مع فلسطينيي48. والذي جرى هو أن مجموعة من الشباب الناشط حينذاك تصدّت للمهمّة.. تقول إلهام دكور طنوس: "جبنا حمارين ربطناهُن في الدوّار قبل مدخل الحفلة، واحد مكتوب عليه: "لوين رايح ي حمار؟!" والتاني مكتوب الجواب: "رايح ع الحفلة!".. ويومها لم يدخل الحفل سوى 3 "أشخاص"! وتقول إلهام والتماعة النصر في عينيها.. "ومن يومها سمّيناه دوّار الكرامة"!!

ختام:
ترشيحا اليوم 4500 إنسان يتصدّون ببسالة ووعي تامّ في معركة بقاء ترشيحا وتطورها من خلال النضال لأجل الانفصال عن بلدية معلوت وإقامة مجلسهم المحليّ المستقل؛ كما يبلون بلاءً حسنًا في انطلاقتهم الجديدة انطلاقة الكيان والهوية.. كيف لا، وفيهم "حركة شباب ترشيحا" وفيهم "لجنة إحياء يوم ترشيحا" وحولهم التراشحة الباقون والمهجّرون، ومعهم فلسطينيون من كل مكان.. من فلسطين48، مجموعة "بادر" من سوريا، وحتى في غزة ومن قلب الجراح الدامية والمجاعة القارضة يتضامنون مع ترشيحا ويحيون يومها.

----------------
"ناطرينكم" – صوت فلسطين48 لأجل ثقافة العودة
من مجموعة "أجراس العودة" لأجل الدولة الديمقراطية العلمانية

أعدّت التقرير: رجاء زعبي عمري – مديرة موقع "أجراس العودة"
الصورة من معرض "خيام اللاجئين" للفنانة، ابنة ترشيحا، رنا بشارة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها