عتمةٌ تبعد قليلاً عن عتمة السماء. غرفةٌ بلا باب يوصد اختلاس القمر الوحيد بين تعب النجوم. موسيقى تبكي فراقًا طال واحترق شوقًا لفارس قد يعود حين يطيب له، أو حين تقرر هي أنها ملت من الانتظار.
ممتدة هي على سريرها، بلا جسد متحرك إلا مخيلةً. رقصة يديها وحدهما تنعكس على السقف المعطر بدخان العاشقين، والمتأملين. خيالٌ لطائرين عادا للتو من الصيف البعيد إلى هذه البلاد الباردة، رغم أن الشتاء لم ينته بعد.
ليديها قصصُ عشق مع الحائط لم نعلمها قبل الآن. جسدها يتخذ له موقفًا حياديًا في هذه المقطوعة الموسيقية، ويعطي لعقولنا فرصة تخيل الرقصة برمّتها. وحدها تلك الأيدي تشق خصوصية الجسد وقدسيته، لتفعل ما تشاء بنفسها ورقصتها، وفقًا للموسيقى ومساحة حائط يتسع لحريتها. الجسد مكانه، ويداها تُفسر الموسيقى بأكثر من الكلمات أحيانًا. لهذه الأيدي حين ترقص في العتمة، فوق الشموع، خلفية الخيال على السقف، تعابير لا يعلمها الوجه. رقصة يديها بلا جسد، أعطتنا حيزًا من اكتشاف ملامح الأيدي، وحديثهما الموسيقيّ الخفيّ.
حوار ما بين يدٍ وأخرى، اليمينية تأخذكَ حيث رميتَ وسادتكَ المسكونة بعطرها في ذاك المكان الذي اعتقدتَ أنك نسيته، لتحضرها من جديد. فهذه اليد علمتْ وحدها كيف تسترجع صورة حبيبتك المحروقة والموضوعة بين دواوين شاعرك المفضل على الرف الأول. أما اليُسرى، فلها حركتها الخاصة، تمشي سويًا مع أختها لضرورة الرقصة فقط. تعريكِ من الألف غلاف الذي يحيط روحكِ وكلامكِ، جسدكِ يرتجف منها، ارتجافه يبعثر الأوراق المرتبة داخلك وبين القلب، يكشفك كذبكِ الدائم حول سبب ارتجافكِ في الشتاء، لم ينجح فرن التدفئة في وقف جنون جسدكِ حين كانت تَرقص يداها، والأوراق داخلكِ تعرف كيف تستغل المواقف وتتبعثر علنًا.
شباك الشرفة القريب ينقشع عن نفسه، يرمي بزجاج الشبابيك خارجًا، لم يعد يتمالك اصطدام الكواكب والنجوم القادمين من السماء، زحمة المتلهفين لرؤية رقصة الأيدي هذه، شرعية في هذا الظلام.
لا تأبه يداها لما يحدث حولها، لا تهتم لخروج جميع الأمكنة المنفية داخلنا إلى الغرفة المظلمة، تستمر في رسم لوحة موسيقية تعرّي ارتجاف الجسد، الغرفة ممتلئة بالمتفرجين الصامتين أمام حرية هاتين اليدين. تجلب رقصتها معها الذكريات كلها، كلٌ مع ذكرياته، ترقصهما سويًا حين تمتزج بعض الذكريات مع بعضها. قسم منها يتقن رقصة العشق والتعب. وقسم آخر، رقصة الفراق والملل..حتى للكواكب، كانت لهم رقصتهم الأولى.
تحلّق يداها في سماء الغرفة، ستنتهي الأغنية بعد قليل للمرة العاشرة. باب الغرفة ما زال مفتوحًا، للقمر طريق عودة سريعة. زجاج شبابيك الشرفة لم يعد مكانه، لا ازدحام في طابور رجوع الكواكب المُرتب. يهيئ الشمع نفسه ونفسنا للانتهاء، ارتياح يديها يعطينا إشارة واضحة بإعادة ترتيب الحالات المزاجية التي تراكمت أمامنا. فلم يعد حضورٌ للذكرى بعد اكتمال حوار الأيدي الموسيقيّ. رقصة قابلة للغياب، ليس من تعب الجسد المحايد هذه المرة، إنما فقط، لإشعال النور في الغرفة، تذهب معه أيديها والرقصة، واشتعالات أخرى.
رشا حلوة
ممتدة هي على سريرها، بلا جسد متحرك إلا مخيلةً. رقصة يديها وحدهما تنعكس على السقف المعطر بدخان العاشقين، والمتأملين. خيالٌ لطائرين عادا للتو من الصيف البعيد إلى هذه البلاد الباردة، رغم أن الشتاء لم ينته بعد.
ليديها قصصُ عشق مع الحائط لم نعلمها قبل الآن. جسدها يتخذ له موقفًا حياديًا في هذه المقطوعة الموسيقية، ويعطي لعقولنا فرصة تخيل الرقصة برمّتها. وحدها تلك الأيدي تشق خصوصية الجسد وقدسيته، لتفعل ما تشاء بنفسها ورقصتها، وفقًا للموسيقى ومساحة حائط يتسع لحريتها. الجسد مكانه، ويداها تُفسر الموسيقى بأكثر من الكلمات أحيانًا. لهذه الأيدي حين ترقص في العتمة، فوق الشموع، خلفية الخيال على السقف، تعابير لا يعلمها الوجه. رقصة يديها بلا جسد، أعطتنا حيزًا من اكتشاف ملامح الأيدي، وحديثهما الموسيقيّ الخفيّ.
حوار ما بين يدٍ وأخرى، اليمينية تأخذكَ حيث رميتَ وسادتكَ المسكونة بعطرها في ذاك المكان الذي اعتقدتَ أنك نسيته، لتحضرها من جديد. فهذه اليد علمتْ وحدها كيف تسترجع صورة حبيبتك المحروقة والموضوعة بين دواوين شاعرك المفضل على الرف الأول. أما اليُسرى، فلها حركتها الخاصة، تمشي سويًا مع أختها لضرورة الرقصة فقط. تعريكِ من الألف غلاف الذي يحيط روحكِ وكلامكِ، جسدكِ يرتجف منها، ارتجافه يبعثر الأوراق المرتبة داخلك وبين القلب، يكشفك كذبكِ الدائم حول سبب ارتجافكِ في الشتاء، لم ينجح فرن التدفئة في وقف جنون جسدكِ حين كانت تَرقص يداها، والأوراق داخلكِ تعرف كيف تستغل المواقف وتتبعثر علنًا.
شباك الشرفة القريب ينقشع عن نفسه، يرمي بزجاج الشبابيك خارجًا، لم يعد يتمالك اصطدام الكواكب والنجوم القادمين من السماء، زحمة المتلهفين لرؤية رقصة الأيدي هذه، شرعية في هذا الظلام.
لا تأبه يداها لما يحدث حولها، لا تهتم لخروج جميع الأمكنة المنفية داخلنا إلى الغرفة المظلمة، تستمر في رسم لوحة موسيقية تعرّي ارتجاف الجسد، الغرفة ممتلئة بالمتفرجين الصامتين أمام حرية هاتين اليدين. تجلب رقصتها معها الذكريات كلها، كلٌ مع ذكرياته، ترقصهما سويًا حين تمتزج بعض الذكريات مع بعضها. قسم منها يتقن رقصة العشق والتعب. وقسم آخر، رقصة الفراق والملل..حتى للكواكب، كانت لهم رقصتهم الأولى.
تحلّق يداها في سماء الغرفة، ستنتهي الأغنية بعد قليل للمرة العاشرة. باب الغرفة ما زال مفتوحًا، للقمر طريق عودة سريعة. زجاج شبابيك الشرفة لم يعد مكانه، لا ازدحام في طابور رجوع الكواكب المُرتب. يهيئ الشمع نفسه ونفسنا للانتهاء، ارتياح يديها يعطينا إشارة واضحة بإعادة ترتيب الحالات المزاجية التي تراكمت أمامنا. فلم يعد حضورٌ للذكرى بعد اكتمال حوار الأيدي الموسيقيّ. رقصة قابلة للغياب، ليس من تعب الجسد المحايد هذه المرة، إنما فقط، لإشعال النور في الغرفة، تذهب معه أيديها والرقصة، واشتعالات أخرى.
رشا حلوة
شباط 2007
عكا
تعليقات
إرسال تعليق