التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تمرين على الضحك


قبل منتصف الليل بشوي، وبالطريق للبيت، مشيت باتجاه محطّة المترو. بالمحطّة، في خطين، واحد تحت الأرض، والثاني فوقها. أنا لازم آخد اللي فوقها، بس أوّل باب بطريقي، بوصّل على المترو اللي تحتها. المهم، بلا طول سيرة، الجوّ شتا، والشتا بهالبلاد بحبّش ناسه. شفتوا مرة شتا بحبّش ناسه؟ ومش حنون كمان. قلت بفوت على المحطّة من الباب للمترو اللي تحت، أحسن ما أمشي بالبرد ويجمّد قلبي (عَ أساس إنه موّلع من الدفى هو). يلا ما علينا، نزلنا على المحطّة، وبكل المحطّة فش إلّا زلمة ختيار، عنده دقن وشعر شايبين، لابس أبيض من راسه لساسه، وبعمل شغلة وحدة: برفع راسه لفوق، وبضحك: ها ها ها! ضحكة مزيّفة، بسكت شوي، وبرجع بضحك. كانت حالته بتشبه سانتا كلاوس وهو بستنى المترو للغابة، عشان يلاقي الغزلان لينطلقوا، وهو قاعد بتمرّن!

المهم، فجأة لقيت مصعد قدامي، مكتوب عليه رقم المترو اللي لازم آخده للبيت. قلت لحالي: يا بت يا رشا، الساعة متأخرة والدنيا برد، وليش تمشي كل الطريق للمترو؟ خلص خدي المصعد وبتوصلي لهدفك من غير مجهود. وصدى ضحكات سانتا كلاوس اللي قاعد عمّ بتمرّن، بترّن بالخلفيّة.

إجا المصعد، كبست على زر الطابق الأوّل، وصل، فتح الباب، طلع لفوق. وفجأة فتح الباب. إسّا، صح طلع هو بوّدي قريب على المترو اللي فوق، بس برجعك على الشارع عمليًا، يعني أنا فعليًا مشيت خطوتيْن تحت الأرض عشان أرجع لفوقها. على البرد. وأنا زي الشاطرات، كملت طريقي على الشارع، ومحكيتش ولا كلمة، مشيت ع السكت لحد ما وصلت لباب المترو اللي فوق، وأخدت الدرج المتحرّك ووصلت على الرّصيف. قعدت على المقعد، وأنا استنى المترو، وكان بلحظتها، الإشي الوحيد اللي جاي عَ بالي أعمله، هو اللي كان يعمله الزلمة الختيار، اللي حالته بتشبه سانتا كلاوس وهو بستنى المترو للغابة، أتطلع على الناس وأضحك: ها ها ها! بصوت عالي.
ראש הטופס



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها