التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الشعب يريد: من تونس إلى فلسطين

هند بو جمعة


رشا حلوة

 في يناير 2011، انطلقت من حيفا أغنية «الثورة الخضراء» التي قدمها موسيقيون فلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 تحية إلى الثورة التونسية. كانت الأغنية بداية لمشاريع ثقافية فلسطينية تؤكد أنّ أصوات الشوارع العربية تُسمع في فلسطين، وأنّ الطريق من سيدي بو زيد إلى الجليل يقترب يوماً بعد يوم.
لم تقتصر مشاريع التضامن على عام 2011، بل استمرت بأشكال عديدة. بعد مرور عامين، ها هي مجموعة «فلسطينما» تعلن عن عروض لأفلام تونسية وثائقية انطلقت قبل أيام وتستمر شهراً. يحمل المشروع اسم «الشعب يريد» كرغبة بالاحتفاء بالثورة التونسية عبر عرض أفلام أضاءت على هذا المفترق في التاريخ.
تعرض هذه الأفلام في أربع مدن هي: حيفا (مسرح الميدان)، يافا (مسرح السرايا)، رام الله (مركز خليل السكاكيني الثقافي) والقدس (مركز يبوس). أما الأفلام فهي أربعة ستقدَّم في مواعيد مختلفة في المدن المشاركة. الفيلم الأول هو «الشعب يريد» (92 د). بعدسته، يلتقط محمد زرن الأيّام الأولى من الثورة من غناء، وصياح، وشعارات ثورية وأهازيج ملأت الميادين والشوارع. أما الفيلم الثاني «يا من عاش» (71 د)، فتروي فيه هند بوجمعة (الصورة) قصة إمرأة مشردة خلال أيام الثورة، تتنقّل من مكان إلى آخر مع أطفالها، من دون مبالاة بما يجري في البلد من تحوّلات. الفيلم الثالث هو «يلعن بو الفوسفاط» (76 د) لسامي تليلي الحائز جائزة أفضل وثائقي في «مهرجان أبوظبي». يروي قصة مناجم القفصة التونسية عام 2008 واستياء العمّال الفقراء الذين نظموا الاحتجاجات ضد الحكومة التي قمعتها بعنف. شعور القمع هذا انفجر لاحقاً في «ثورة الكرامة». أخيراً، يأتي فيلم رفيق عمراني «فلاقة 2011» (52 د) الذي يروي وقائع أول اعتصام في سلسلة اعتصامات الثورات العربية في القصبة في تونس العاصمة.
منذ تأسيس «فلسطينما» عام 2010 وبدء عملها في حيفا ويافا، كان الهدف خلق إطار سينمائي مستقل يقدّم أفلاماً غير متاحة للمشاهد الفلسطيني. امتدّ مشروعها ليشمل لقاءات مع المخرجين عبر «سكايب» وتقريب المشاهد الفلسطيني من امتداده العربي. شهر «الشعب يريد» هو استمرار لما بدأته «فلسطينما» بإحضار الكاميرات التي وثّقت الأصوات التونسية المطالبة بالحرية. استضافة صناعها صوتاً وصورة عبر «سكايب»، ما هي إلا أسلوب مؤقت ينجح فيه الفلسطيني باستضافة العربي على أرضه، إلى أن تتحقق أمنية الشاعر: «سنلتقي غداً على أرض أختك فلسطين».


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها