التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تحرير الشعوب يمشي يداً بيد مع تحرير المرأة

الصورة من شوارع تونس، للناشطة والصحافية والمدونة هندة هندود 


رشا حلوة

"إن تحرر المرأة في تونس وفي العالم العربي لن ينجح ولن يكون ممكنا إلا بثورة نسوية تخرج من قلب المجتمع وتجسد تطلعات المرأة بجميع أنواعها وعلى جميع الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية والمدنية. يجب أن يفرض المجتمع تحرر المرأة والمساواة بين الجنسين على السلطة وليس العكس وإلا فسنظل نسير من السيء إلى الأسوأ"، هكذا قالت الصحافية والمدونة التونسية هندة هندود، في حوار لها مع النشرة الإلكترونية التي تحمل الإسم "المنشور".

وهذا ما تراه معظم نساء هذا العالم، والعالم العربي خاصة، الذي لا زال يعيش الثورات المستمرة والتي بدأت من تونس في ديسمبر 2010 امتداداً لمصر ولسوريا وبلدان عديدة. فقد كان ولا زال للمرأة دور مركزي في هذا الحراك. وهذا ما أخاف كلّ من يقف وراء الثورات المضادة، وكلّ من يرى في المرأة والنضال النسوي المتمثل بالنساء والرجال، تهديداً على كيانه الظلاميّ والدكتاتوري، فهذا الأخير سوف يفعل كلّ شيء في سبيل تخويفها وردعها بل وقتلها أحياناً كثيراً؛ نفسياً وجسدياً وفكرياً في سبيل تحقيق أهدافه المتواطئة ضد الإنسان العربي أينما كان.

في بداية شباط الماضي، نظمت مجموعة من النساء المصريات مظاهرة من حيّ السيدة زينب لغاية ميدان التحرير في القاهرة، بحضور نساء ورجال من كافة محافظات مصر، احتجاجاً على الإرهاب الجنسي الممارس ضد النساء المصريات، وذلك بعد ازدياد حالات التحرش الجنسي والاغتصاب خاصة في محيط "ميدان التحرير" وأثناء المظاهرات المختلفة. العديد من النساء خلال هذه المظاهرة كنّ يحملن السكاكين ويرفعنها بإياديهن للاعلى. مما أنتج عن مشهد في كامل القوة، كان له تأثيراً على الجميع، كموسيقيين وفنانين وكتاب ورسامين أمثال الرسامة المصرية دعاء العدل في رسم صورة لإم كلثوم تحمل سكيناً في يدها وكتبت على الرسمة: "للصبر حدود!".

بعد هذه المظاهرة، شهد العالم إجمالاً والعالم العربي خاصة مظاهرات في مدن عديدة، وهُنا في يافا، تضامناً مع النساء المصريات. الكثيرات منهن تحدثن عن جرائم التحرش والاغتصاب التي اقتُرفت ضدهن. من هؤلاء كانت الفنانة المصرية ياسمين البرماوي، والتي تعرضت إلى اغتصاب جماعي يوم 23 تشرين الثاني 2012. عندها، طلبت على الفور من أحد أصدقائها توثيق شهادتها عن الاغتصاب، وذلك قبل أن تخرج ياسمين إلى الإعلام وتتحدث بجرأة وقوة عمّا حدث لها. وقد جاء في الشهادة التي نُشرت عبر موقع الفيسبوك: "في لحظات قليلة تمزقت ملابسي تماما في زحام المهاجمين الذين أمسكوا بكل جزء في جسمي بلا استثناء، وأدخل أحدهم إصبعه في مؤخرتي بمنتهى العنف، أخذت أصرخ وأحاول الوصول إلى الحائط وكنت أرى على الناحية الثانية شبابا يقفون على شيء عال وينظرون ويضحكون، أخذت أبعِد المهاجمين وجلستُ على الأرض التي كانت غارقة في المجاري على أمل أن أحمي أي جزء من جسمي، جرّوني وأمسك بي أحدهم وأخذ يحاول أن يقبّلني بالقوة فعضضت لسانه فضربني، وسط التدافع وجدت نفسي مرفوعة تماما فوق الأيدي وأنا أرفس بقدمي بلا جدوى، إلى أن أدخلني مكانا مضاء بمصابيح نيون يبدو أنه أحد المحلات في المنطقة الخلفية من شارع محمد محمود، لم أعد أعرف إذا كان هناك من أدخلني هنا لحمايتي أم لاغتصابي، والواقع أنهم قد اغتصبوني بأيديهم في كل أجزاء جسمي".

مثل هذه الأصوات المثيرة للقشعريرة نسمعها كلّ يوم، من نساء في كلّ العالم، ففي تونس اغتصب ثلاثة رجال أمن فتاة ورفعت وزارة الداخلية قضية ضدها متهمة إياها بالقيام بفعل "الفاحشة" في الطريق العالم ومانحة بذلك "الحق" لمغتصبيها. إلا أن النساء والرجال الشركاء في النضال لا يسكتون. هذه الكوكبة تناضل على المحاور كلّها، وذلك من قناعة تامة أن نجاح الثورات وتحرير الشعوب يمشيان يداً بيد مع تحرير المرأة، الإنسانة.

قبل أيام أعلنت مجموعة من النساء السوريات عن حملة إلكترونية بعنوان "أنا هي" عبر موقع الفيسبوك والتي وصل عدد أعضائها إلى أكثر من 17000، وذلك احتفالاً على طريقتهن بـ "يوم المرأة العالمي"، مما اتاح فرصة للنساء بأن يعبرن عن أنفسهن، وأيضاً كمحاولة لرد المرأة السورية إلى مكانتها في كلّ مجالات الحياة. فالحملة موجهة لجميع النساء من كافة الشرائح وبمختلف التوجهات الثقافية والفكرية والاجتماعية. ضمت الحملة أيضاً دعوة إلى نساء ورجال من كلّ العالم، بأن يقوموا بتصوير أنفسهم حاملين ورقة بيضاء مكتوب عليها "أنا هي" مع كتابة إسم المدينة.

حملات كثيرة شهدها العالم العربي من أجل المرأة، منها العديد عبر الفضاء الإلكتروني، كحملة "إنتفاضة المرأة في العالم العربي"، التي بلا شك ليست حملة إلكترونية فقط، فكلّ ما يظهر على الشاشة وفي مواقع التواصل الإجتماعي وعبر الإعلام الجديد ما هو إلا مرآة لما يحدث على أرض الواقع، وهو أيضاً وسيط يربط العالم كلّه مع المحيط المحلي لكلّ مدينة وقرية. ينقل القصص الشخصية، يوثق كتابياً وبصرياً  الانتهاكات التي تمارس بحق الإنسان من قبل الأنظمة القمعية، وبلا شك يوصل صوت المرأة وصرختها أينما كانت في الشوارع، هذه الصرخة التي من شأنها أن تهز عروش القامعين والمستبدين. هي ذات الصرخة في مصر وفلسطين وتونس والمغرب وسوريا واليمن والبحرين والأردن ولبنان والجزائر والعراق؛ هي صرخة الهمّ والحُلم الواحد والإعلان الدائم عن الاستمرارية حتى النصر.

نُشر في ملحق صحيفة الإتحاد الفلسطينية، يوم الجمعة 8 آذار/ مارس 2013

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

اللهجات الفلسطينية

عندي سؤال مهم - أو حسب رأيي مهم - مين المسؤول عن ترسيخ فكرة إنه في فلسطين في بس لهجة عامية وحدة؟ وإنه نسي يقول بأنه لكلّ مدينة وقرية فلسطينية في لهجة إلها خاصة فيها؟ وإنه لما حدا من شفاعمرو بقول كلمة واحدة منعرف كلنا إنه من شفاعمرو؟ مما يدل على خصوصية لهجة أحل شفاعمرو يعني :) يعني مثلاً، مثلاً، لكلمة "رصاصات"- رصاصات القلم يعني - في عَ الأقل 4 مفردات باللهجة الفلسطينية؛ فُطع، زبانات، بريات، قُزع. (شكراً أسماء عزايزة عَ المساعدة  :) ). عشان هيك، ملاحظات أخيرة عن الموضوع: - لما أي حدا بقرأ نص/ قصة قصيرة/ رواية لكاتب/ة فلسطيني/ ة فيه كلمات/ جمل بالعامية، يعرف الكاتب/ ة من وين عشان يعرف من أي بلد هاللهجة. - يا ريت اللي بدو يعمل مسلسل عن فلسطين والقضية الفلسطينية يعمل دراسة عن اللهجات وينوّع. فلسطين ليست فقط الأراضي المحتلة عام 1967. - يلعن سايكس بيكو والاستعمار وسنينه كلّها. - عيب إنه الفلسطيني ما يعرف إنه في تنوّع لهجات. وإنه اللي خلقان في شمال فلسطين المحتلة، ويبتعد 15 كم عن جنوب لبنان، أكيد لهجته رح تكون قريبة من لهجة جنوب لبنان أكثر من جنوب فلسطين. - لن ننس