التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هنا فلسطين صوت الثورة المصريّة


رشا حلوة

عكّا| انتصار الثورة التونسية وعودة الأمل إلى الشعوب العربية، انعكسا على الحياة الفنية الفلسطينية بشكل مباشر. هكذا أصدرت مجموعة من الموسيقيين الشباب في حيفا أغنية «الثورة الخضراء». كذلك ازدهرت الفنون البصرية في رام الله، فابتكر أعضاء «ستوديو زان»، وخصوصاً عامر شوملي، وضياء العزة (المقيم في بلجيكا)، وحافظ عمر رسوماً وملصقات مناصرة لـ«ثورة الكرامة». الرياح التونسية سرعان ما هبّت على «أم الدنيا»، وفي يوم «25 يناير» اندلعت الثورة المصرية من خلال دعوة على «فايسبوك»، فكانت الثورة الأولى في التاريخ التي تنطلق في موعد تم تحديده مسبقاً على «فايسبوك»...

إنّه ذاته ذاك الجيل الذي راهن الجميع بأنه يعيش حياة افتراضية تماماً و«لن يكن بمقدوره أن يفعل شيئاً سوى كبسة لايك».
لكن بعد ساعات على نزول الشباب المصري إلى الساحات، طالت الثورة الشارع العربي كلّه، وخصوصاً الفلسطينيين في وطنهم وفي الشتات. مثلاً أصدر الفنان الشاب عامر شوملي (رام الله) حتى الآن خمسة ملصقات تناولت مختلف جوانب الثورة المصرية، من المطالبة برحيل الرئيس المصري حسني مبارك، وصولاً إلى دعم الشباب المعتصمين في الشارع. وأضاءت آخر إبداعاته على أهمية الإنترنت («فايسبوك»، و«تويتر»، و«غوغل») في نشر الحقائق. أما باسل نصر (رام الله) من طاقم «ستوديو زان»، فكانت له مبادرة واحدة بعد خطاب حسني مبارك الأخير، فصمّم ملصقاً يظهر فيه الرئيس المصري مع أنف طويل يشبه أنف «بينوكيو» وقد حمل عنوان: «الكذاب الله بيحطّوا بالنار... وشعب مصر حيحطّوه بمزبلة التاريخ».
من جهته، قرّر حافظ عمر (طولكرم/ رام الله) أن يصدر يومياً ملصقاً عن الثورة المصرية، وهذا ما فعله: منذ اندلاع الثورة يوم 25 كانون الثاني (يناير)، يصدر عمر كلّ يوم ملصقاً يهديه إلى الثوّار. وقد استعان في عمله بعبارات مقتبسة من الأغاني المصرية، كأغاني الشيخ إمام «مصر يمّا يا بهية». كذلك ركّز على أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في الثورة المصرية، إضافة إلى ملصق الدعوة إلى التظاهرات الفلسطينية دعماً للمصريين وحمل عنوان «لأجل مصر».
في الشتات، رسم نضال الخيري (الرملة/ عمّان) رسماً كاريكاتورياً واحداً، استُخدم ملصقاً للدعوة إلى الاعتصام المفتوح مقابل السفارة المصرية في عمّان. أما أمل كعوش (ميرون/ صيدا)، فنشرت على مدونتها الإلكترونية «ميرون» وعلى «فايسبوك» أعمالها الفنّية المهداة إلى الثورة المصرية. وركّزت في رسومها على شخصيات مصرية مجهولة أو مشهورة (وخصوصاً نجوم الأفلام)، فاقتبست جملاً منهم ووضعتها في سياق الثورة. كذلك لجأت إلى تحريف في بعض الاقتباسات التي كان آخرها: «يا وغد قاعد على الكراسي» (مع الاعتذار الروحي من صلاح جاهين وسيد مكاوي).
أما في الموسيقى، فقد أصدر الفنان الفلسطيني، ابن حيفا، علاء عزام، أغنية بعنوان «قوم يا مصري»، من كلماته وألحانه وغنائه، والإنتاج والتسجيل الموسيقي لبرونو كروز (إبراهيم صباغ/ الجليل). تبدأ الأغنية بمقطع من خطاب للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. وتقول لازمة الأغنية (باللهجة المصرية): «قوم يا مصري قوم/ خد حقك بإيدك/ قوم للظالم قوله إحنا مش عبيدك/ مصر حبيبتك محتجالك/ وكرامتك هي اللي بقيالك/ أرضك حبيبتك محتجالك/ وكرامتك هي اللي بقيالك/ لو مش عشانك عشان عيالك/ ربّك وحدو هو سيدك... قوم يا مصري».
وحالياً يعمل الفنان الفلسطيني، ابن رام الله، شادي زقطان، على أغنية يهديها إلى كلّ البلدان العربية، وهي من كلمات الشاعر التونسي محمد الصغير أولاد أحمد. ومن المتوقع أن تصدر في الأيام القريبة بنسختين، الأولى لشادي زقطان وعماد الصيرفي (غيتار)، والثانية بالتعاون مع فرقة الراب الغزاوية «بلاك يونيت» Black Unit.
لم تحتج كلّ هذه الإنتاجات إلى دعم وتمويل وشركات إنتاج، ولا إلى دور نشر وطباعة لكي تصل إلى الناس، كان يكفي مشاركتها على «فايسبوك» كي تصل إلى كلّ عربي في العالم، وأن تُسمع عبر مكبّرات الصوت في «ميدان التحرير»، لتحدث الأثر المطلوب في نفوس المصريين وكل الشباب العربي.


ليلِك يا مصر

عام 2006 كتب الشاعر جمال عبده (البقيعة/ جليل) «أهزوجة مصرية فلسطينية ـــــ ليلك يا مصر»، ولحّنها مجد كيّال (البروة/ حيفا)، ثمّ وزّعها خضر شاما (الناصرة). لكن الأغنية لم تصدر إلا الأحد الماضي بعدما سجّلتها فرقة «حق» الموسيقية من الناصرة، التابعة لـ«المؤسسة العربية لحقوق الإنسان»، وبدت كأنها كتبت لتتناسب مع الثورة المصرية التي اندلعت قبل أسبوعيَن.
وتقول لازمة الأغنية (باللهجة المصرية):
«ليلِك يا مصْر لازِم يعدّي
والصبح يضحك وردو المنَدّي
السكّة طويلة وحْنا فْ آخرها
شويّه هَنوصَل..
يا مصر شدّي».

عن "الأخبار" اللبنانية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها