التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حيثُ يريد "وليد إتيم" أن يكون!


*موسيقيّ من مواليد بيروت، أصل عائلته من كفر ياسيف، بدأت رحلته في جيل 6 سنوات مع "البيلز". عزف مع زياد الرحباني واستضافه في أسطوانته الأولى*

حاورته: رشا حلوة


وليد إتيم، موسيقي مواليد بيروت عام 1959، لعائلة من قرية كفرياسيف في الجليل/ فلسطين.

ُلد جدي في كفرياسيف، ومن ثم انتقل إلى القدس، بعد أن أنهى دراسته في الجامعة الأمريكية في بيروت. تزوج في القدس وأنجب خمسة أبناء. أرسلهم عام 1948 إلى بيروت لزيارة بعض الأقارب هناك. أثناء زيارتهم نشبت الحرب ولم يقدروا على العودة إلى القدس، فلحق بهم جدتي وجدتي إلى بيروت، وفقدوا بيتهم في القدس".

درس وليد إتيم في الكلية العالمية في بيروت، إلا أنه قبل أن ينهي المرحلة الثانوية بدأت الحرب الأهلية اللبنانية، عندها أرسله والداه إلى بريطانيا كي يكمل دراسته الثانوية ومن ثم إلى الولايات المتحدة لإتمام دراسته العليا في العلوم السياسية حيث حصل على اللقب الأول هناك.

علاقته بالموسيقى بدأت في السادسة من عمره، عندما أحضرت والدته اسطوانات لفرقة "البيتلز" العالمية وقد حفظ عندها كلّ أغاني الفرقة.

"تخيلي طفلاً يرغب في الاستماع إلى موسيقى الروك، يجلس ويشاهد فيديو حفلة موسيقية لفرقة "ليد زيبلين". حضورهم على المنصة وغناؤهم رائع جدًا! فمن السهل عندها أن تكون رغبتي الوحيدة بأن أصبح مثلهم عندما أكبر".

تأثر وليد إتيم بموسيقى الروك والبلوز منذ طفولته، فيشبّه الأخيرة بأنها مثل إم كلثوم، حيث لم يستمع والداه كثيرًا إلى الموسيقى العربية بقدر ما استمعا إلى الموسيقى الكلاسيكية والاسبانية، فقد أحبت والدته "سيناترا" كثيرًا.

"هذا الجوّ الموسيقي بلوّر حُلمي بأن أصبح نجم روك وأقيم فرقة موسيقية..لماذا روك؟ صراحةً، أنا لا أحب جميع أصناف موسيقى الروك. في موسيقى الروك هنالك الكثير من الحالات الوجودية مثل الحزن والغضب.. موسيقى الروك هي موسيقى مؤثرة جدًا. وكل آلة تُستخدم للعزف مهمة، خاصة العلاقة ما بين الدرامز والباص وآلة الجيتار، التي أحبها جدًا".

بالإضافة إلى اسطوانته الأولى، قطع وليد إتيم مسيرة موسيقية طويلة مع آلة الجيتار، هذه الآلة التي شكلت بطاقة هويته للعديد من السنوات وحتى يومنا هذا.

"بدأت بالتعلم على آلة الجيتار وأنا في الثالث عشرة من عمري، حيث كانت والدتي تأخذ دروسًا على آلة الجيتار عند معلمة تعطي دروسًا في الموسيقى الكلاسيكية والفلامنكو، ومن ثم بدأت بالعزف على جيتار والدتي وفيما بعد أحضروا لي آلتي الخاصة. تعلمت العزف عليها لوحدي، لم آخذ دروسًا في الموسيقى عند أحد، فلم أتعلم قراءة النوتات الموسيقية ولم أتعلمها حتى الآن".

وليد إتيم يعزف، يؤلف الموسيقى ويُلحن من دون أن يقرأ النوتات الموسيقية، ما يُسمى بالعزف "السماعي".

"لم أتعلم قراءة النوتات الموسيقية من منطلق الكسل، لا غير. وجدت القراءة مهمة صعبة جدًا وببساطة لم أملك الصبر لدراستها.. ولكني اليوم أندم على هذا كثيرًا!"

انضم إتيم عام 1983 إلى فرقة روك لبنانية اسمها "فورس" وقد كان قائد الفرقة آنذاك عازف جيتار الباص عبود سعدي والذي يعزف حتى الآن مع كلّ من مرسيل خليفة، شربل روحانا وأحمد قعبور. كذلك عزف إتيم في العام نفسه مع زياد الرحباني.

"حين قررت فرقة "فورس " تسجيل اسطوانتها الأولى، عزف زياد الرحباني كلّ مقاطع الكي بورد، عندها أصبحنا أصدقاء. بعدها تركتُ لبنان ولم أعد إليه إلا عام 2003 كي أستقر نهائيًا. إلا أنه في هذه الفترة وأثناء زيارتي إلى لبنان، دعاني زياد الرحباني للعزف معه في بعض الأغاني في عروضه الموسيقية، وقد قمت بتسجيل أغنيتين معه في ألبوم "مونودوز" لسلمى مصفى وهما: أسعد الله مساءكم ودعوة ضد مجهول.

السبب الأساسي الذي منعني من أن أعزف أو أسجل موسيقى مع زياد الرحباني هو عدم قدرتي على قراءة النوتات الموسيقية، ولهذا السبب أيضًا لم تكن لدي فرصة للعزف مع موسيقيين عرب معروفين".

ثلاثون عامًا يكتب وليد إتيم أغاني ويلحنها "سماعيًا"، يساعده أحيانًا بعض الأصدقاء في التدوين الموسيقي كي يُسهّل العزف على الموسيقيين المرافقين له. أسفرت هذه المسيرة عن أكثر من 100 أغنية تم تسجيلها بجودة متوسطة، فقد كان زمن تسجيل الأغنية في الاستوديو مكلفا جدًا، الى أن

صار لإتيم الاستوديو الموسيقي الخاص فيه، عندها "تغيرت كلّ حياتي"- حسب تعبيره.

صدرت له مؤخرًا الاسطوانة الأولى بعنوان “Where I wanna be” – (حيث أريد أن أكون)، هذه الأغنية والتي تحمل عنوان الاسطوانة كُتبت أثناء الحرب الأهلية في لبنان، حين أجبر إتيم على أن يرحل من لبنان بطلب من والديه وذلك لأسباب تتعلق بسلامته.

"في أحد الأيام، كنت في لندن، عام 1980، وقتئذ شعرت بالشوق الشديد لأصدقائي وللبناني. كان الطقس باردًا في لندن وكئيبًا..عندها كتبت هذه الأغنية".

تحتوي الاسطوانة على 12 أغنية، قسم من الأغاني كُتب قبل أكثر من عشرين عامًا؛ Where I wanna be (1980), What she does (1991) and Can’t live this way (1986)

نصف الأغاني فقط كُتبت في العامين الأخيرين قبل صدور الاسطوانة.

"قبل عامين ونصف، دفعني صديقي وشريكي في الموسيقى، منير خولي، الى أن احتفظ في الحاسوب بالأغاني التي أرغب بتسجيلها بشكل محترف. كلّ الآلات الموسيقية عزفنا عليها أنا ومنير الخولي، ولكن في مرحلة ما شعرنا بأننا بحاجة لبعض الضيوف من الموسيقيين. قبل عام تقريبًا، تحدثت مع زياد الرحباني عبر الهاتف وقد سألني عن مشاريعي الموسيقية. أجبته بأني أعمل على تسجيل اسطوانتي الأولى. عندها سألني:"هل ترغب بأن أكون ضيفًا في اسطوانتك؟" فأجبته:"هل تمزح؟ يشرفني بأن تكون ضيفي!" عندها أرسلت له الأغنيتين اللتين أردته أن يعزف فيهما، وقد أختار Can’t live this way".

بالإضافة إلى زياد الرحباني، استضاف إتيم في اسطوانته كلا من عازف الساكسفون جيرمي شامبان وعازف بيانو الجاز الأرمني أرثور ساتيان.

لم يصدر وليد إتيم اسطوانته الموسيقي كي يبوح بأية رسالة، ببساطة.. كانت حاجته بأن يُصدر باكورة أعماله الموسيقية من تجربة أربعين عامًا كي يعطي للناس فرصة الإصغاء إليها.

"ماذا كان سيحدث لو مت قبل أن أسجل الأغاني في اسطوانة؟ ستموت موسيقاي معي وتحترق إلى الأبد".

كتب في اللغة الانجليزية لأنه لم يستمع إلى الأغاني العربية، ترعرع على الموسيقى واللغة الانجليزية.

أصبحت اللغة الانجليزية لغته الأولى حين ينحصر الأمر في الكتابة، واللغة العربية هي اللغة المحكية لبنانية كانت أم فلسطينية أما الفصحى فهي معاناة، مع الإعراب نثرًا وشعرًا.

حين سمعت بعض الأغاني من ألبوم "حيث أريد أن أكون" لوليد أتيم، شعرتُ وكأنها كُتبت وُلحنت وأُنتجت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حين سيطرت موسيقى الروك على الموسيقى الشعبية وحيث مزج كلا من فرانك زابا ورفاقه الجاز بموسيقى الروك وأصبحت الموسيقى تُسمى "الجاز المنصهر". (بالمناسبة تصميم غلاف اسطوانة وليد أتيم عليه صورة مرسومة لمغني الروك الشهير فرانك زابا معلقة على حائط الاستوديو).

"لم يكن مقصودًا هذا الشيء، أسلوب الأغاني بهذا الشكل لأني أحبه ولأن هذا ما كتبته بشكل طبيعي من دون التفكير في الأمر كثيرًا. لربما لو كنت أكثر شبابًا من اليوم، وكانت رغبتي بأن أصبح نجمًا، لكنت عملت على موسيقى تبدو حديثة أكثر".

لوليد إتيم مشروع مستقبلي واحد، العمل بجهد على أن تكون في جعبته أغان جديدة إضافية كي تُسجل في ألبوم جديد.. نحن في الانتظار.

للاستماع إلى أغاني وليد إتيم من الألبوم الموسيقي "Where I wanna be"، زوروا هذا الرابط:

http://www.myspace.com/waliditayim

*نُشر الحوار في ملحق "الاتحاد" يوم الجمعة 23 تشرين الأول 2009

تعليقات

  1. هو احتاج أربعين عامًا كي يعطي للناس فرصة الإصغاء إليها.


    كم احتاج انا

    تسلم ايدك

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها