التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سيناريوهات

by 

بالأمس، قبل أن أراك، كان سيناريو اللقاء جاهزاً بذاته، هيك لحاله. فأنت تعلم، أن سيناريوهات لقاء من نحبّ، أقوى مننا. تماماً، كما الفكرة عن الموت، أقوى من حقيقته. هذا مع الإدراك التامّ أن السيناريو في 90% منه، لن يتحقق. سيتحقق اللقاء بك فقط، هذا ما وعدت به عندما تحدثنا قبل وصولي.
لم أكن أتوقّع أن أراك عندما أخرج من المرحاض أصلاً. كنت واقفاً، زحماناً كثيراً، ترتدي جاكيتاً أحمر اللون وتي شيرت أزرق. عندما سألتك عن اختيارك للألوان في مدينة رمادية كهذه، كل من فيها يرتدي "الأسود"، أجبتني: "قررت أن أرتدي اللون الأزرق اليوم". قلتها مبتسماً وبلا أسباب "عميقة" أخرى.
بالعودة إلى السيناريو، هذا محور القصّة الأهم.
أردت أن أركض إليك، برجلي التي تؤلمني، أحضنك حضناً قديماً، وأبوح بكل ما يُتعب روحي، تزامناً مع "اليوم العالمي للصحّة النفسية". هيك، نحن نحبّ المناسبات.
أردت أن أخبرك عن أصدقائي المعتقلين لدى النظام المصري، عن صديقتي التي تبكي أحبابها في شمال سوريا منذ أن شنّ أردوغان وعصابته الحرب على أهلها، وأردت أن أخبرك عن وجع قلوب صديقاتي برحيل نادين التي حتى القدر شنّ الحرب عليها وظلمها… كيف نؤمن بعدالة الأقدار؟ أردت أن أسألك.
كنت أريد أن أخبرك عن صديقاتي في فلسطين، اللواتي يحاربن الذكورية والاستعمار بأجسادهن كلّ يوم، عن صديقي من الجزائر الذي التقيته نهاية الأسبوع الماضي، وحدثّني عن شوارعها المشتعلة حتّى اليوم.
أردت أن أواصل حضنك، وأحكي لك بقربٍ جسديّ شديد عن أمينة، السودانية التي تكتب لنا قصص الخرطوم كل أسبوع… وعن العراقي الذي صوّر نفسه يُغني مناشداً "ضمير العالم" الذي يصدّقه حتّى الآن… وعن صديقي من طرابلس، المنفي من بلده وأهله لأنّه يحبّ على مزاجه بصوتٍ عالٍ: "حبيبي هو بيتي"، قال لي في لقائنا الأخير.
أردتُ أن أحكي لك عن الأوجاع الصغيرة المتلازمة التي تأتي من مصائب أكبر، لا شأن لنا بها. حتّى عن تأثير البلاستيك على أمزجة الناس، رغبت أن أعمل عليك "معلمة"... أحضنك، أحكي ولربما أبكي قليلاً.
لكن كل هذا لم يحدث، فعدتُ إلى البيت وحدي، أكتب عن الخوف في زمن خراب الصحّة النفسية، وأكتب القصّة هذه التي لن تقرأها، لأنك لا تقرأ العربية أصلاً.
لكن الأوجاع علّمتنا، كيف نترجمها إلى لغاتٍ أخرى نعرفها. أو حتّى ذلك الحضن المتخيّل، كان كافياً ليحكي الحكايات كلّها.
لكن، ألم أقل لك أن 90% من السيناريوهات لا تتحقق؟
أقصد السيناريوهات السعيدة… فكل هذا الحزن، هو سيناريوهات بشعة تتحقق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

اللهجات الفلسطينية

عندي سؤال مهم - أو حسب رأيي مهم - مين المسؤول عن ترسيخ فكرة إنه في فلسطين في بس لهجة عامية وحدة؟ وإنه نسي يقول بأنه لكلّ مدينة وقرية فلسطينية في لهجة إلها خاصة فيها؟ وإنه لما حدا من شفاعمرو بقول كلمة واحدة منعرف كلنا إنه من شفاعمرو؟ مما يدل على خصوصية لهجة أحل شفاعمرو يعني :) يعني مثلاً، مثلاً، لكلمة "رصاصات"- رصاصات القلم يعني - في عَ الأقل 4 مفردات باللهجة الفلسطينية؛ فُطع، زبانات، بريات، قُزع. (شكراً أسماء عزايزة عَ المساعدة  :) ). عشان هيك، ملاحظات أخيرة عن الموضوع: - لما أي حدا بقرأ نص/ قصة قصيرة/ رواية لكاتب/ة فلسطيني/ ة فيه كلمات/ جمل بالعامية، يعرف الكاتب/ ة من وين عشان يعرف من أي بلد هاللهجة. - يا ريت اللي بدو يعمل مسلسل عن فلسطين والقضية الفلسطينية يعمل دراسة عن اللهجات وينوّع. فلسطين ليست فقط الأراضي المحتلة عام 1967. - يلعن سايكس بيكو والاستعمار وسنينه كلّها. - عيب إنه الفلسطيني ما يعرف إنه في تنوّع لهجات. وإنه اللي خلقان في شمال فلسطين المحتلة، ويبتعد 15 كم عن جنوب لبنان، أكيد لهجته رح تكون قريبة من لهجة جنوب لبنان أكثر من جنوب فلسطين. - لن ننس