التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحب في ظل النكبة



المشهد الأول:
سألته يوماً:" كيف من زمان، لما كانت الناس تسافر، وبعدين يحبوا اتنين بعضهن في بلد غريبة خلال زيارة سياحية. وفجأة يرجع كل واحد منهن على بلده. كيف كانوا يضلهن على تواصل، يكملوا يحبوا بعض، وفي كتير من المرات يعملوا عيلة سوا..  قبل ما يكون في إنترنت وهواتف ذكية؟".
أجابني:" لأنه وقتها كانت الناس تسافر عند بعض من غير فيزا. ومكنش في حدود انحطت بينهم".

المشهد الثاني:
اليوم الذي وصل فيه إلى بيروت قادماً من القاهرة، صادف اليوم الذي كان فيه الكيان الصهيوني "يحتفل بنفسه". جلست أمام جهاز اللاب توب وكتبت عبر صفحتي الفيسبوكية: "أغانيهم البشعة، والتي تدعو إلى القيء، تقتحم غرفتي العكّية الآن. وأنا كل ما أريده لهذه الليلة، أن لا يشوّش نشازهم الأمواج الصوتية ما بيني وبين بيروت.. لأن أمواج الهوى هذه، تُسمعَني ذبذبات قلب حبيبي الذي وصل إلى هُناك.
فاخرسوا يا أنذال الأرض".

المشهد الثالث:
قبل أن يترك بيروت بيوم واحد ليعود إلى القاهرة، أرسل لي رسالة إلى هاتفي الذكي، قائلا:"أول مرة بكون برا مصر وبمشي لوحدي في الشارع. بس بكلمك وبتردي عليا. وبتخيلك وإنتي بتوصفيلي شوارع بيروت. بشوفك هنا. تشبهي الشوارع دي جداً. كأنك متربية فيها. وبسمع أسماء المناطق بصوتك. وأنا بحكيلك حاجة بحس إني مش محتاج أشرحلك جغرافياً مكانها. لا يمكن تكوني عمرك ما جيتي هنا".

المشهد الرابع:
لا يمكنني أن أصل بيروت التي تبعد عني، عن عكّا، حوالي 116 كم. ولا أن أصل القاهرة إلا مع تأشيرة دخول.

المشهد الخامس:
حين كتبت يوماً ما ضد فنانة "فلسطينية" مثّلت إسرائيل في محافل دولية، هنالك من سألني:"شو عندك إشي شخصي ضدها؟". كنت أريد أن أبدأ إجابتي بجملة "رَدِح": "معها!؟ لا يا روح أُمك!". لكني أجبته:"قضيتي مع الاحتلال هي قضية شخصية".


نشرت التدوينة بالتزامن مع ملحق "السفير العربي"

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها