نحن الذين وُلدنا بعد 3 فبراير 1975، لم نعرف يوماً كيف كانت تفاصيل الحياة حين كانت أم كلثوم لا زالت تَتَنفس هواء هذا العالم. كيف كان يستقبل الناس أغنية جديدة؟ أو بثّ لحفلة ما عبر قناة تلفزيونية، أو حجز تذاكر حفلة؟ سمعنا عنها كلّها لكننا لم نعشها. ولهذا نعيش من جهة حسرة ما - من يحبّ الست طبعا - ومن جهة ثانية لنا متسع من الخيال، غير مرتبط بفترة زمنية ما، إنما مرتبط بما يفعله إرث أم كلثوم وما قدمته إلى هذه الحياة بنا، قبل أن تخسرها - جسدياً - بما يشكل الجسد ومعه الصوت من الحاجة الأولى لإستمرارية الإنتاج. هذا الخيال هو ليس أمر فردي تماماً، بالمطلق نعم، ولكن في سياق الست هو متأثر بموروثها الموسيقي. فهناك خيال وهناك خيال ورثناه من أغانيها، بل تعلمناه من بحرها،
فأصبحت معلمة الخيال الأولى. ولربما هذه هي حكمة الموت؛ يرحل الجسد ويبقى الموروث (الصوت والأغاني)، ملجأ البشر من الموت البطيء، والملجأ خيال.
تعليقات
إرسال تعليق