التخطي إلى المحتوى الرئيسي

محمود درويش remix إنّه شباب فلسطين


عكا ـ رشا حلوة

يعاني موسيقيّو الداخل الفلسطيني من غياب الإنتاج، كغيرهم من الموسيقيين العرب البعيدين عن الأعمال التجاريّة. لكنّ الواقع المركّب الذي يعيشيه الفلسطينيون تحت الاحتلال، يجعل أزمة هؤلاء الموسيقيّين أكبر، مع غياب شركات الإنتاج الفلسطينية، وانقطاع الشركات العربية عنهم، إضافةً طبعاً إلى رفضهم المبدئي لإنتاج الشركات الإسرائيلية.

مثّل الإنتاج الذاتي حلاً لهذه الأزمة. هكذا، اعتمد بعضهم على تمويل مؤسسات فلسطينية، كما نشر آخرون أغنية من تأليفهم على «يوتيوب» و«ماي سبيس»... وأخيراً، جاءت «جمعية الشباب العرب ـــــ بلدنا» لتنضم إلى قافلة المنتجين الفلسطينيين، عبر أسطوانة «صنع في فلسطين». منذ 2001، تنشط هذه الجمعية انطلاقاً من مدينة حيفا، وتنفّذ مشاريع ثقافية واجتماعية. وقد قرّرت خوض مجال جديد هذا العام، إذ دعت الموسيقيين الفلسطينيين الشباب (من «عرب 48» والضفّة وغزة) إلى المشاركة في أسطوانة «صنع في فلسطين». أنجز المشاركون الأسطوانة بلا مقابل، وسيعود ريعها لحملة «مناهضة الخدمة المدنية».

تضم الأسطوانة 10 أعمال لتسعة فنانين، نشر معظمها سابقاً على الإنترنت. تتوزّع الأغنيات بين العربية الفصحى واللهجة الفلسطينية. أمّا الألحان فغربيّة، تنتمي إلى الأشكال الشبابيّة البديلة التي تحتضن لغة التمرّد والقطيعة. هكذا يجري التعبير عن التجربة الفرديّة للفلسطيني ومعاناته، عبر الراب والهيب هوب والريغي...

تضمّ الأسطوانة عملين للـ دي. جاي. «برونو كروز» بعنوان «فلسطين» و«الحبّ والأمل»، وهما قصيدتان بصوت الشاعر الراحل محمود درويش، دمجهما «برونز كروز» مع موسيقى إلكترونية. تشارك في العمل أيضاً فرقة الراب الغزاويّة «بي آر» بأغنية «فلسطين التحدي»، فيما يقدّم الملحن وعازف الغيتار ميشيل سجراوي أغنية «لاعب النرد»، عن قصيدة لدرويش أيضاً، في

قالب جاز من تأليفه وغناء بسيم داموني. في الأسطوانة أيضاً، مقطوعة «كهربائيات مخنوقة» لفرقة «رام الله أندرغراوند». كما تشارك «دام» عبر أغنية «نغير بكرا». ولا بدّ من الإشارة إلى ثنائي الراب الفلسطيني الجديد «دمار» (مي وأماني) الذي يؤدّي أغنية «الجيل الثالث» بمرافقة مغني الراب عدي كريم من فرقة «ولاد الحارة» النصراوية.

هذا ليس كلّ شيء. أسطوانة «صنع في فلسطين» منجم من التجارب الجديدة والمغايرة التي تعلن ولادة جيل على حدة في مسار الموسيقى الفلسطينيّة. هناك أغنية «غول» الاحتجاجية الساخرة لجوان صفدي. أمّا ولاء سبيت ابن قرية اقرث الفلسطينية المهجّرة (قضاء عكا)، فيدمج بين التراث والريغي في أغنية «يا بو الحطة». ومثله تفعل فرقة «زمن» العكاويّة إذ تدمج بين الموسيقى العربية والفلامنكو في أغنية «بطّلتي إلي» من كلمات خير فودي وألحان يزيد سعدي.

إذا كان لا بدّ لكل عمل إبداعي من «رسالة»، فإن أسطوانة «صُنع في فلسطين» تعلن شباب الموسيقى الفلسطينيّة. وليست المصادفة أن تنتمي كل محتويات الألبوم إلى الموسيقى الشبابية البديلة... إنّها اللغة التي يعبّر فيها عن نفسه، الجيل الثالث تحت الاحتلال.

"الأخبار اللبنانية"

عدد الخميس 15 كانون الثاني 2010

http://www.al-akhbar.com/ar/node/172928

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عن "البحر بيضحك ليه؟" ومراحل الحياة..

عكّا، بعدسة: نادر هواري أغنية "البحر بيضحك ليه"، من كلمات الشّاعر نجيب سرور، ألحان وغناء الشّيخ إمام عيسى، هي الأغنية الملائمة لكلّ مراحل الحياة. لا يهم المرحلة إنّ كانت سعيدة أو حزينة، فيها أمل أو خيبة، قلق أو راحة، كلما سمعتها تشعر بأنها تُغنى لك. تحكي معك.. الأغنية لا علاقة لها لمن يعرف البحر أو لا يعرفه، سواء كان البحر قريبًا أو وبعيدًا.. هي قادرة أن تحمل لك مشاهد بصريّة مختلفة كلما سمعتها، تحمل معها وجوهًا عديدة وذكريات.. وكأنك كلما تسمعها تشعر بأن الزّمن توقف. لا يتحرك. كأن حالتك المرافقة لها حين سمعتها قبل 5 أعوام، مع ناس أو من غيرهم، تشبه حالتك حين تعيد سماعها اليوم، لوحدك أو مع آخرين.. والأجمل، بأنك تدرك تمامًا بأن حالتك هي، المرافقة لسماع الأغنية، تمامًا كما الملايين من عشاق الأغنية ذاتها. هي أغنية الطبطبة على الروح.. وحاملة المقولة الوجوديّة الأبديّة: ولسّه جوا القلب أمل.

أحد أطفال "كفرون"؛ يزن أتاسي: "نحنا ما منشبه بعض"

حاورته: رشا حلوة كان ذلك في العام 1990، حين قال له والده: "بدنا نروح مشوار"، لم يخبره إلى أين، "كنت رفيق أبي كتير وأنا وصغير، بروح معه على الشغل، وقالي رايحين مشوار، وبشكل طبيعي ركبنا بالسيارة، وصلنا على مكان قريب من مدرستي وفتنا على بناية، بكتشف بعد ما فتت إننا وصلنا على مكتب دريد لحّام"، يقول الفنان السوري يزن أتاسي في حوار خاص لمجلة "الحياة"، أجريناه عبر السكايب. ويزن أتاسي (1980) هو أيضاً "وسيم"، أحد الأطفال الذين مثلوا أدوار البطولة في فيلم "كفرون" لدريد لحّام، الذي سيتمحور معظم حديثنا عن تجربته فيه، التجربة الشخصية والفنّية لطفل في فيلم سوري، قبل 24 عاماً، كان لها أحد التأثيرات الكبرى على جيل كامل عاش طفولة التسعينيات. " هنالك معرفة بين دريد وأبي"، يقول يزن، "بس أنا انسطلت، لأنه أول مرة بحياتي بشوفه وجهاً لوجه، هني بحكوا وأنا مسحور لأني قاعد قدام غوار الطوشة!". بعدها خرجا من المكان، لا يذكر يزن الحديث الذي دار بين والده ودريد لحّام، ويعتقد أيضاً أنه كان قد قابل أخته نور أتاسي قبله، وهكذا وقع القرا

ريم بنّا.. التهليلة الفلسطينية الباقية

(رشا حلوة ) أذكر أني سمعت الفنانة الفلسطينية ريم بنّا لأول مرةٍ حين كان ربيعي يلامس العشرة أعوام، لا أعلم كيف وصل كاسيت "الحلم" إليّ، أو ربما لا أذكر. كان الوقت صيفًا في عكا، في غرفتي المطلة على البحر. أذكر بأني ناديت على أمي لتشاركني سماع الكاسيت، فسمعنا سويةً "يا ليل ما أطولك" وبكتْ أمي حين أخذتها التهليلة إلى كل الحنين الذي حملته معها منذ أن هُجّر أبوها من قريته الجليلية حتى ساعة انتظار العودة، التي طالت. ترتبط ريم بنّا في روحنا وذائقتنا بالتهليلة الفلسطينية والمورث الشعبي الفلسطيني. فهي أول من أعادت غناء وإحياء التهليلة الفلسطينية واحترفتها حتى يومنا هذا، بما في ذلك ضمن ألبومها الأخير "مواسم البنفسج- أغاني حُب من فلسطين"، والذي يحتوي على تهليلة "أمسى المسا"، المرفوعة إلى اللاجئين الفلسطينيين. بدأت ريم تهتم بالغناء التراثي الفلسطيني حين كانت لا تزال في المدرسة، يوم طُلب منها أن تحفظ أغاني تراثية لمهرجان تراثي في مدرستها، ونصحتها والدتها الشاعرة زهيرة صبّاغ أن تغني التهليلة الفلسطينية التي لم يغنّها أحد بعد. شعرتْ وقتئذٍ أن التهاليل تلائم صوتها