طلبت أمي مني بالأمس، أنّ أجهز قهوة. سألتها: "وين غلاية القهوة؟"، أجابتني: "يعني مش عارفة وين بحط غلايات القهوة؟". فقلت لها: "يا إمي، ما أنا مش عايشة هون، فممكن إنك غيّرتي مكانها..".. فذهبت فورًا إلى الخزانة التي أعرفها. بعد صمت قصير قالت: "بعرف إنّك مش عايشة هون، بس بحبش تقولي هيك.." أثناء تجهيزي للقهوة، كنت أفكر بما قالته أمي.. وقلت لنفسي: "أنا مثلها، أرفض حقيقة أن كثيرين لا يعيشون معي في نفس المكان، لكنهم يعيشون معي جميعًا.. يعرفون أين توضع كؤوس النبيذ، فناجين القهوة، زجاجة العرق، أين تقع زاويتي المفضّلة للكتابة.. كلهم يعيشون في تفاصيل حياتي اليوميّة، رغم غيابهم، الاختياري أو القسري.. أو حتى، رغم أنهم لم يمرّوا يومًا على بيتي أو أي بيت مؤقت أعيش فيه. لكني أحضرتهم إليه في الخيال.. وصنعوا الواقع أجمل".