رشا حلوة أعود إلى عكا. ست سنوات وأنا بعيدة من قصصها اليومية، أعيش بمعزل عن تفاصيل حياتها صباحاً ومساءً.خلال تلك السنوات، اقتصرت علاقتي بها على نهاية الأسبوع.اليوم أعود إليها نهائياً، محمّلة بكل ما لا تعرفه عني وما لم تعشه معي.أعود ويتملّكني هاجس بأنها لن تغفر لي كيف أدرت ظهري لها ذات يوم. لكنها، كعادتها، تفاجئني، تلك المدينة الحبلى دائماً بالمفاجآت. فاجأتني بخيوط الشمس التي دثّرتني بها يوم عُدت عند الفجر من مكان بعيد. كان في شروقها احتضان لي، بالرغم من أني عُدت بهيئة لا تشبهني، لكنها مدينة لا تعرف التخلي، لكنها مدينة تعرف أبناءها... أدخل إليها من المدخل الشرقي، تنهيدة تسبقني حين أشم نسمة البحر الأولى التي تصدم أنفي البارد.كأنها لوحة فنية أُتقِنَ رسمها قبل عقود كثيرة بألوان غير قابلة للمحو، فبقيت الصورة كما هي بجمالٍ يزداد كلما تعتّق. هكذا نحن، نولد على حافة البحر، فنتقن الحديث معه منذ البداية. نهرب من المدرسة إلى السور الغربي* نبحث عن مكان لا يرانا فيه أحد، أيادينا محملة ببعض الأرغفة الساخنة وعلبة حمّص من «أبو الياس»، نجلس بجوار البحر مسافة انزلاق غير مقصود وغرق لا عودة منه. نبتسم للسم